لمي الغلاييني

يتعامل الأذكياء روحيًا مع المشاعر كرسائل مهمة تحمل الكثير من المعلومات الملحّة، فهم ينفتحون على فك شفراتها بحكمة، وينصتون بانفتاح لتعاليمها؛ لأننا حين نُخمدها خوفًا من تحمّل مسؤوليتها نجازف بهدر تلك المعلومات الثمينة التي كانت ستسهم كثيرًا في نمونا الروحي.

ليس بوسعك أن تنمو روحيًا دون أن تكون واعيًا بطبيعة مشاعرك الداخلية، وقد يبدو ذلك الرأي غريبًا لدى البعض؛ لأنهم يتعاملون مع مشاعرهم بشكل أشبه بالزائدة الدودية في جسم الإنسان، ففي نظرهم أنها مؤلمة جدًا عند التهابها، ولن نخسر شيئًا صعبًا بالتخلص منها، لكن الحقيقة أن الأمر يختلف مع المشاعر، فنحن نخسر ثروة رائعة حين نتخلص منها بجُبن ونخمدها بغباء.

إن النمو الروحي يمر عبر مشاعر القلب، ولو لم تكن منفتحًا بحب على تلقي رسائل المشاعر فسوف يتكرر إرسالها مجددًا، وربما بقوة شعورية أكثر؛ لتلتفت لمغزى تكرارها وتستلمها بوعي، فهي تدلك على الجوانب الغامضة من شخصيتك، والتي تحتاج لتطويرها، والمناطق المعتمة التي يسيطر عليها الخوف، والتي ستمنحك مواجهتها المزيد من الحرية العاطفية، وسينقلنا الوعي بها من حالة الخضوع اللا واعي لعواطف الخوف نحو الاختيار الواعي لعواطف المحبة.

ولا يعني ذلك الفضول الشعوري أن تتوقف عن استخدام ملكات ذهنك، لكنك ستميل لاستخدامها في خدمة القلب وتنمية الحب؛ مما يخوّلك لتغيير حياتك ومستقبلك وعالمك للأجمل.

ولهذا.. فحين تمرّ بحالة من الشعور المطبق على صدرك، حاول مراقبة هذا الشعور، وخُذ نفسًا عميقًا، واستمر في محاولة فتح صدرك بالتنفس العميق، وقم بطرح أسئلتك الاستكشافية على حكمتك الداخلية:

- ما سبب شعوري الآن بالاستياء لهذا الحد؟

- ماذا يمكنني أن أفهم من رسالة ذلك الشعور؟

- كيف يمكنني النمو روحيًا من خلال هذا الشعور؟

حينها ستبدأ مواقفك بالانبثاق بوعي من نوايا القلب المحب، وهي تحمل طاقة الخير لك، ولمن حولك، لكنها عندما تنطلق بشكل مشوّش بالخوف اللا واعي، فإنها تلوث عالمك، وتجعلك في حالة شعورية دفاعية قلقة من الآخر والعالم، فالقلب هو منارة أسفارك على هذه الأرض، وبدونه تصبح تجاربك مظلمة، فهنيئًا لمن أتى الله بقلب سليم.