عبدالعزيز الذكير

كانت القواميس منارات ثقافة ومعارف، ووجدناها في السنين الأخيرة عتادا حربيا مثل الألغام والرصاص وغيرها مما تُنتجه مصانع الفتك والدمار في العالم. وضمن هذه الحرب نجدد تغيير الأسماء الجغرافية المعتمدة في السابق، وإطلاق ما يحلو للمنتفع ما يشاء من أسماء وصفات لمناطق وشعوب وأمم، فتُسجل في المعاجم لتصبح حجة ودليلا للباحث والطالب والحاضر والكاتب واستمارات الاستيراد والتصدير.

أرى أن علينا كعرب أن نبذل جهدا ثقافيا وسياسيا لمنع دخول اسمنا في دوائر المعارف ومعاجم الشرح والتعريف تحت باب «إرهابي».

فقد قرأتُ تعريفا في أحد معاجم التجذير (بحث وسبر أصل المفردة) وجداول المترادف من المعاني، المنشورة من قبل دوائر نشر غربية تُعرف كلمة «عربي» بأنهُ «جنس عرقي يسكن الصحراء».

لذا أخشى أن يظهر اسمنا في معاجم وتعاريف تسوقها دوائر تكرهنا، وتصرف عليها «لوبيات» معروفة بحقدها على كل ما هو عربي. يظهر اسمنا مُقترنا بـ(Terrorist) أي: إرهابي.

وفي الصحافة الغربية ما أن يكتب أحدهم مقالا لا ترضى عنه الدوائر والكتل الصهيونية، إلا وتنهالُ على الصحيفة رسائل تعصب وكره تتهم الجريدة ومالكها ومحرريها وموزعيها بأنه فئة معادية للسامية (Anti semitism)، والمعنى الحرفي لهذه العبارة هو أن الشخص ضد العنصر السامي.. من تسلسلوا من ذرية سام بن نوح. وبهذا فالكلمة لا تقتصر على اليهود وحدهم، لكن الشارع الغربي أخذها على أنها معاداة لليهود، وقد تعارف المستشرقون على أن السامية تدل على الأقوام التي سكنت الجزيرة العربية وهاجرت منها، وضمن هذا التعريف يقع العرب.

وفي أحد المؤتمرات حول الإرهاب قبل مدة وجدنا عبارة «أمن إسرائيل» تتكرر وبإلحاح لافت، وضمن طروحات الدول الغربية المشاركة في ذاك المؤتمر المخصص لمكافحة الإرهاب. وتكاد المملكة العربية السعودية تكون الوحيدة التي ذكرت مذبحة الحرم الإبراهيمي، والعقاب الجماعي للضفة وغزة، كجزء من إرهاب تتولاه إسرائيل علنا، فلماذا عدم التصدي لها وهي تتولى الإرهاب.. ولا نسمع عن حوادث إرهابية (أوكلاهوما في أمريكا) أو (غازات الأنفاق في اليابان). كل ذلك لأن المتسبب غير عربي.

وعرف بعض الباحثين كلمة الإرهاب بأنها استخدام العنف ضد غير المحاربين.

اثنان من قادة إسرائيل السابقين وهما بيغن وشامير كانا من قادة الإرهابيين الصهاينة، وقد أشار إلى تلك الحقيقة أستاذ أمريكي في محاضرة ألقاها في حشد مستمعين أمريكيين.

والكل يعرف أن نتانياهو كان ضمن الفصيل الذي فجر طائرات طيران الشرق الأوسط اللبنانية، وهي لم تُستعمل للقتال.. كذلك إيهود باراك كان ضمن قتلة في عملية قتل الفلسطينيين في شققهم في بيروت (عملية فردان)، الآن العبارة في الإعلام لوصف عربي أو بلد عربي، من أجل تحضير الرأي العام العالمي لعملية ضد العرب، في الأوطان أو في المهاجر.