عبدالعزيز الذكير

لا بد أننا كقراء لاحظنا أن ثمة كلمات تتردد في الإعلام في السنين الأخيرة، لا في بلد بعينه بل في معظم البلدان إن لم نقل كلها.

ودأبت بعض المطبوعات في الغرب على استغلال قدرة الحواسيب على استنباط أشهر مفردة ترددت في الإعلام المقروء والمرئي والمسموع. وبعض النشرات جعلت هذا النهج أسبوعيا لإيقاف القارئ على الكلمة التي ظهرت بواسطة الحواسيب على أنها أكثر الكلمات ورودا في الإعلام.

في الغرب، يفسرون مفردة الإصلاح على أنها عملية لا تنتهي. تبدأ بالتخطيط ثم لا تقف، وذلك تبعا لحاجة سنة بعد أخرى. وفي كل مرحلة يحاول أهل القرارالوصول إلى ما يُرضي الناس، ثم يعلنون عملية تخطيط أخرى تواجه بها المرحلة القادمة، كي يبقى الحزب أو القادة في السلطة. ويأتي هذا على مستوى التشريعات الحضرية (البلدية) والاقتصاد والمال والبنية الأساسية من صحة وتعليم وخدمات.

وفي الشرق تتردد المفردة (قصدي كلمة الإصلاح) عندما يتذمر الناس. ثم تكتفي السلطة بما يرضيهم مؤقتا..

وما أسمعه الآن هو أسوأ. وهو أن ترداد كلمة الإصلاح توجد هديرا كهدير الموج، ويرى البعض في الكلمة هولا ورعبا ومصدر قلق وأرق. على أساس مبدأ نفع هذا من ضرر ذاك.

لا أعرف استعمالا تاريخيا للمفردة، مفردة «إصلاح» بمثل هذه الوفرة من قبل، ولم يسبق أن تنادى بها القوم كما هم عليه اليوم، ومع ذلك لم تكن هذه المفردة جوفاء من المعنى في بال الناس كما هي اليوم. ومع هذا فالخوف من رواجها قائم، وربما احتاج الخائفون منها إلى مراجعة صالات الطوارئ في المستشفيات..

وربما قال الفاسد لنفسه إن الإصلاح ربما «يفطمه» يوقف جشعه. فصار لا يأكل فقط من النعمة التي أمامه، بل بدأ «يُخبي في الجراب». والجملة معروفة لدى عامة أهل الجزيرة العربية، ومفادها بأن الضيف يأكل من مائدة المضيف ليشبع، لا ليحمل معه الزاد..

ورأيي أن الحديث الكثير عن الإصلاح ومكافحة الفساد والتصدي للمحسوبية سيجعل من يحمل جرابا كبيرا وواسعا يحاول ملئه والهرب به وشراء جراب آخر احتياطي قبل أن يأتي الإصلاح الجدي (وليس الكلام والمقالات) فيندم على اكتفائه بالمقسوم. أي - بالعربي - يستسعر الفاسد وتدور في ذهنه المقولة الشعبية (قم قبل يقام عنك).

قرأتُ آراء تقول إن الاحتجاجات والحراك الدائر في وطننا العربي حركت بوصلات الاستشعار عند(اللي على رأسه رمله) وبدأ يلتفت يمنة ويسرة (ويتحسس.).

ومن أهم انتشار الفساد في المجتمع هو الجهل والجشع والطمع، وبها يسعي الإنسان وراء المكاسب من غير الحلال ويستحل هذا المكسب ويعتبرة من حقه الشرعي وبطريق غير مشروع.