د. ابراهيم العثيمين

الإستراتيجية الأمريكية ضد إيران

انتقدت عدة مرات اسلوب الادارة الأمريكية السابقة في عهد الرئيس باراك اوباما للتقارب مع إيران وابرام اتفاق نووي بأي ثمن ودون مراعاة لهواجس الحلفاء بالمنطقة والعبث بأمن واستقرار المنطقة. وذكرت ان هذا النوع من الاندفاع إلى ابرام هذا الاتفاق وعدم تسوية الأزمة الإيرانية بشكل شمولي من خلال تغير السلوك الإيراني المؤذي في المنطقة، هو تكرار لما فعلته الادارة السابقة مع موسكو عندما اتفقتا على تسوية الملف الكيماوي في سورية وأهملتا كافة عناصر ومكونات الأزمة السورية الأخرى. وبالتالي هذا الاتفاق منذ ان ابرم في يوليو 2015 أعطى إيران ضوءا اخضر لتعاظم نفوذها والتدخل في المنطقة دون رادع، حيث استغلت إيران رفع العقوبات في زعزعة الاستقرار في المنطقة.جاءت هذه الاستراتيجية الشاملة لتصحيح المسار في التعاطي مع الأزمة الإيرانية ومعالجتها بشكل شامل وتفادي الأخطاء التي حصلت سابقا مع ادارة اوباما، بهدف الدفع بطهران إلى أن تغير من سلوكها لكي تتحول من الثورة إلى الدولة. وتتلخص اهداف الاستراتيجية في ثلاث نقاط رئيسية: أولا: منع إيران من التدخل في الشؤون الداخلية للدول من خلال دعم الميليشيات العسكرية لزعزعة الأمن والاستقرار، مثل دعم الميليشيات في العراق وسوريا ولبنان واليمن ودول الخليج. فالتدخل الإيراني في المنطقة لم يعد خافيا بل أصبح واضحا وضوح الشمس، وان مسؤوليهم اصبحوا يصرحون به بشكل صريح وفج، كتصريح حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد، الذي قال ان «إيران تسيطر فعلا على أربع عواصم عربية». أو تصريح أحمد رضا بوردستان، نائب القائد العام للجيش الإيراني، الذي قال «ان قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني، يقود القوات الإيرانية، سواء من الجيش أو الحرس الثوري، إضافة إلى الميليشيات الأفغانية والعراقية التي تقاتل تحت إمرتها في العراق وسوريا». فبحسب إحصائيات غير رسمية بلغ تعداد المقاتلين الذين يعملون تحت ادارة الحرس الثوري في سوريا حوالي 70000 مقاتل، ويذكر ان ايران فقدت منهم أكثر من 3000 مقاتل منذ التدخل العسكري في سوريا.ثانيا: منع ايران من تمويل الإرهاب لاسيما للحرس الثوري المسؤول الاول عن تمويل المنظمات الإرهابية والميليشيات التابعة لإيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وبحسب كثير من التقارير تنفق ايران اكثر من 16 مليار دولار على تمويل المنظمات الإرهابية والميليشيات المسلحة في المنطقة. فعن طريق غسيل الاموال عبر شركات وهمية تمتد من الشرق الأوسط والقوقاز حتى كوريا الجنوبية وبحر الكاريبي، استطاعت إيران ان تلتف على العقوبات المفروضة عليها وتنفق مليارات الدولارات سنويا على التنظيمات الإرهابية في المنطقة، حتى تحولت المنطقة إلى صفيح ساخن ومستنقع من الدماء والدمار. ففي سوريا فقط انفقت ايران أكثر من 100 مليار دولار على الحرب، وفق إحصائيات غير رسمية.ثالثاً.. مواجهة قدرات إيران التي تهدد الولايات المتحدة وحلفاءنا باستخدام الصواريخ الباليستية والأسلحة غير التقليدية الأخرى. فايران لا تزال ترفض القيود المفروضة على برنامجها الصاروخي والتي التزمت بها وفق الاتفاق النووي بينها وبين القوى العالمية. فمنذ وافقت طهران على الاتفاق النووي وخطة تنفيذه، أطلقت 14 صاروخًا باليستيًّا حتى فبراير 2017م. ما يعتبر خرقا صريحا لقرار الأمم المتحدة 2231. وبحسب كثير من التقارير فان ايران تزود ميليشيات الحوثي في اليمن بصواريخ متنوعة، يطلق كثير منها باتجاه الأراضي السعودية.انا اعتقد انه حان الوقت لقيام تحالف دولي مماثل للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، يهدف الى تفعيل الاستراتيجية الامريكية للجم سياسات إيران التخريبية في المنطقة ومنع دعمها للإرهاب وزعزعة الشرق الأوسط وكذلك اتخاذ إجراءات جديدة واكثر صرامة فيما يتعلق بالملف النووي لكي يضمن عدم الحصول على السلاح النووي في المدى البعيد. وحتى تعلم إيران بأن سلوكها وأنشطتها المشينة في المنطقة والعالم لها عواقب وعواقب رادعة.