د. مبارك الخالدي

ممزقو الكتب.. الأصوات الغائبة

إعفاء مديري المدارس التي يمزق الطلاب أمامها كتبهم الدراسية بعد خروجهم من قاعات الاختبارات لن يكتب نهاية هذه الظاهرة، فأي طالب يعقد العزم على تمزيق كتبه سيفعل ذلك في شارع آخر غير شارع المدرسة، أو في الطريق إلى البيت، أو في «البوفية» وهو«يباشر» بكؤوس العصير والساندويتشات على زملائه احتفالا بالمناسبة. شخصيا لا أؤمن بمنطقية الإعفاء بغض النظر عن الهدف والغاية من ورائه. تحميل مديري المدارس مسئولية ما يقترفه الطلاب من أخطاء وتصرفات سيئة خارج «أسوار» المدارس هو دفع بهم في اتجاه الإخفاق الحتمي، إذ سيثبت الواقع قلة حيلتهم وعجزهم المؤكد عن منع من يريد تمزيق كتبه عن تمزيقها. إعفاء المديرين ليس هو الحل. ولا أراه سوى تحويلهم إلى كباش فداء. كما لا أعتقد أنه بمقدور لجنة مهما يكن مستوى كفاءة أعضائها أن تدرس خلال أسبوعين فقط ظاهرة تمزيق الكتب وتقدم الحلول الجذرية والتوصيات، ففي ذلك- بدون شك- توريط لأعضاء اللجنة أنفسهم الذين أتمنى أنهم لم يبلعوا طعم التوهم بأنهم قادرون بالفعل على إنجاز ذلك. إن الموضوع يحتاج إلى دراسة دون شك، لكن ليس النوع من الدراسات التي تجرى بموجب قرار يتخذ كردة فعل في ذروة المشكلة. تحتاج دراسة ظاهرة تمزيق الكتب إلى أسابيع وربما إلى شهور، أو سنوات. قد أبدو من هذا الكلام وكأني أنثر العراقيل والعقبات في طريق معالجة هذه المشكلة المزمنة، بدلا من طرح اقتراحات قد تسهم في ايجاد «الحلول الجذرية». ليس الأمر كذلك، فالقصد بالتحديد التنبيه إلى الظلم الذي ينطوي عليه تحميل مديري المدارس المسئوولية عما يفعله الطلاب خارجها، وإلى أن من المشاكل مالا ينبغي أن تكون القرارات العاجلة هي الأسلوب في مقاربتها، فتمزيق الطلاب للكتب لا يعني ولا يثبت أن مديري المدارس لا يبذلون أي جهود لمنعه. المفروض الاستماع إليهم قبل إلقاء المسئولية على كواهلهم. كُتب الكثير عن تمزيق الكتب، وتناولته الصحف مرات لا تحصى، لكن الملاحظ دائما غياب أصوات الطلاب أنفسهم، الطرف الرئيس في المشكلة. ترى كم طالبا تستطيع اللجنة الاستماع إليهم خلال أسبوعين؟