n تخيلت الوضع قبل (600) مليون سنة، وفقا لنظريات الجيولوجيا، حيث كان هذا (العمق) بحرا ضحلا يغطي ثلثي مساحة بلادنا. سلسلة الجبال غربا شكلت درعا صخرية بارتفاع يتجاوز (7600) متر عن قاع هذا البحر الضحل في موقع الأحساء حاليا. درع شكّلت ثلث مساحة المملكة ورسمت حدوده الغربية.
n أكرر.. يتناقص ارتفاع الجبال عن سطح البحر كلما توجهنا شرقا حتى تختفي تماما في أعماق الأرض، وبشكل مائل، لحكمة وضعها الله لصالحنا. هذه الجبال كانت الوعاء الحامل لهذا البحر الضحل، ثم أصبحت الوعاء الحامل لكل الترسبات، التي جاءت عبر العصور، لتحل مكانه.
n أصبح لهذه الجبال المدفونة وظيفة واحدة وهي: (المدد المائي) بمياه الأمطار من شريطنا المطير. لم تتغير هذه الوظيفة الإستراتيجية خلال مسيرة وجودها، بل جعلتها التغيرات الجيولوجية والجغرافية الوعاء الحامل لكل الترسبات خلال (600) مليون سنة. ترسبات أنهت حياة البحر الضحل في (9) عصور جيولوجية. كل عصر جيولوجي يختلف عن سابقه في الحياة بكل ما يحمل. مدد هذه الجبال المائي لم يتوقف، لكنه اليوم يعاني وينبئ بتفاقم العطش وانتشاره.
n حاليا الأرض شرق الدرع العربية هي نتاج الترسبات الأخيرة للعصر الأخير والأحدث. عمرها لم يتجاوز مليوني سنة. وكان عمر العصر الذي قبله (10) ملايين عام. وقد استغرقت حياة العصر الأول (100) مليون عام. أعمار هذه العصور كانت تتناقص عصرا بعد آخر لحكمة.
n هنا (أتنبأ) بتغير العصر، الذي نعيشه خلال (عشرة آلاف) سنة القادمة كحد أقصى. ليستبدل الله الأرض ومَنْ عليها. وستبدأ مرحلة العصر العاشر بكائنات وحياة بيئية وجيولوجية جديدة. قد يأتي هذا التغيير قبل ذلك الرقم بسنين كثيرة، بسبب تسارع جور الإنسان وفحش ما يحدثه من تغيير سلبي على الأرض، ويتعاظم في كل شيء. هل تنبئ هذه التغيرات السلبية الجائرة بتسريع قدوم يوم القيامة؟
n قبل وصولي بيشة قرأت ملامح موقعها إستراتيجيا. تم اختياره بعناية وذكاء بيئي خارق. موقع يمثل نقطة بداية غور جبال الدرع العربية في أعماق الأرض. متجهة من تحت سطح الأرض إلى الداخل، حيث تتجاوز هضبة نجد، في طريقها إلى أسفل أرض الأحساء، بعمق يزيد على (5500) متر، لتحمل الصخور الرسوبية، حيث حقل الغوار النفطي، وكذلك المياه الجوفية غير المتجددة.
n واصلت طي الطريق متعجبا من عظم مساحة هذه الأودية الواسعة أمامي. أودية أثارت الأسئلة عن تاريخها الاستيطاني. تجلّت لشخصي أهميتها، وشأنها، وعظمة جيولوجيا المنطقة ورسالتها الجغرافية. مَنْ يستطيع وبحكمة القراءة، والرصد، والتحليل، والاستنتاج، والتوظيف؟ معها تذكرت قول العرب: [مَنْ لا يعرف الصقر يشويه]. هنا بدأ ينتابني غرور الاعتزاز والفخر بقراءتي ورصدي وتحليلي واستنتاجاتي. فقلت لنفسي: أي (غضنفر) أنا؟ ويستمر الحديث بعنوان آخر.
[email protected]