وقبل ذلك الانخفاض، كانت شركات خطوط الأنابيب ـ على وجه التحديد - تواجه صعوبات بالفعل بسبب العراقيل، التي تواجهها عند محاولة استخراج التصريحات الجديدة.
كما تسببت صدمة الوباء بما يشبه سحب المكابح في سوق النفط.
ووفقًا لما أكده دين فورمان، كبير الاقتصاديين في معهد البترول الأمريكي، ففي الربع الثالث، كانت النفقات الرأسمالية في صناعة النفط والغاز أقل من نصف المستوى الأدنى، الذي تم تسجيله خلال الأزمة الاقتصادية عام 2009.
ولم يقتصر الانخفاض في مستوى الإنفاق على الشركات التي تضخ النفط والغاز فحسب، بل امتد أيضًا ليشمل الشركات العاملة في مجال نقل وتكرير الهيدروكربونات.
وفي قطاع شركات الطاقة الوسطية (وهي الشركات التي تنقل وتكرر النفط أو الغاز بعد استخراجهما، بهدف إيصالهما للمستهلك النهائي)، انخفضت النفقات الرأسمالية بنسبة 30٪ تقريبًا على أساس سنوي في الربع الثالث، وفقًا لبيانات معهد البترول الأمريكي (API).
ومثلما يطالب المستثمرون منتجي النفط والغاز الطبيعي بالتحلي بمزيد من الانضباط في الإنفاق، فإنهم أيضًا يطالبون مشغّلي خطوط الأنابيب بالاعتدال.
وفقًا لتيم شنايدر، رئيس أبحاث الطاقة وأسهم المنفعة في الأمريكتين بمؤسسة سيتي ريسيرش، يزداد الضغط على العوائد المحتملة لهذه الشركات، حتى أنها بدأت في الوصول إلى أدنى مستوى يمكن أن تصل إليه، ويطلب المستثمرون من شركات خطوط الأنابيب إعطاء الأولوية لسداد الديون، بدلًا من الدخول في مشاريع جديدة.
وكل ذلك يضيف المزيد من العراقيل التي تُبطئ من توسعات خطوط الأنابيب الجديدة. وجاءت تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإسراع بإنهاء مشاريع خطوط الأنابيب الجديدة التي تواجه انتقادات عديدة بنتائج عكسية غير مقصودة، حيث رفعت سقف التحديات أمام هذه الشركات، بعد تجدّد الحديث عن تصاريح المشروعات الجديدة الضعيفة من الناحية القانونية. ومن غير المرجّح تسهيل إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن للأمور أمام توسعات شركات خطوط الأنابيب، حيث يتبنى بايدن اتجاه الدفاع عن الطاقة النظيفة، مع تحجيم قطاع النفط.
وقد يكون هذا التباطؤ في تنفيذ المشروعات الجديدة موضع ترحيب بالنسبة لمالكي خطوط الأنابيب في حوض بيرميان بتكساس ونيو مكسيكو، مركز نشاط الحفر الأول في الولايات المتحدة، حيث توجد سعة خط أنابيب أكبر من المعروض لملئها بالنفط والغاز.
وخلال الإعلان عن أرباحها في نوفمبر، أشارت شركة بلين أول أمريكان لخطوط الأنابيب، والتي تملك مشاريع كبيرة في حوض بيرمان، إلى أن التغيير في الإدارة الأمريكية الجديدة يمكن أن يساعد في جعل خطوط الأنابيب الموجودة حاليًا بالفعل أكثر قيمة، وذلك من خلال إبطاء إصدار تصاريح إنشاء خطوط الأنابيب الجديدة.
ويمكن أن ترتفع قيمة خطوط بعض الأنابيب بالتحديد بسبب ندرة وجود الخطوط في بعض الأماكن. فعلى سبيل المثال، في داكوتا الشمالية، هناك خط أنابيب ينقل ما يقرب من 40٪ من إنتاج النفط في منطقة باكين شل بأكملها، ويدعى داكوتا أكسيس بايب لاين.
وهذا الخط مهدّد بالإغلاق كاملًا خلال العام المقبل، حيث ستتم مناقشة قرار إغلاقه خلال جلسة استماع للمحكمة الفيدرالية، في وقت لاحق من هذا الشهر.
وتؤكد أليسون كاترايت، مديرة خدمة النفط العالمية في شركة رابيدان إنرجي جروب الاستشارية، أن هناك احتمالات كبيرة لإصدار أوامر بإيقاف خط أكسيس بايب لاين. وتقول إن نقل النفط باستخدام السكك الحديدية في تلك المنطقة سيكبد المنتجين تكاليف نقل إضافية تتراوح بين 5 إلى 10 دولارات للبرميل الواحد.
ومما لا شك فيه أن ندرة خطوط أنابيب النفط والغاز كانت بين الأسباب، التي دفعت شركة وارين بافيت بيركشاير هاثاواي لشراء أعمال شركة الطاقة الوسيطة دومينيون إنرجي. وتم الإعلان عن هذه الصفقة عقب تصريح دومينيون بأنها ستوقف مشروع خط أنابيب جديد، كان قيد الإعداد لمدة ست سنوات، وذلك بسبب الكثير من الشكوك والعراقيل التنظيمية التي واجهت المشروع.
وفي حين أن انتعاش أسعار الهيدروكربونات في سوق السلع يمكن أن يحفز استعادة نشاط الحفر بسرعة، إلا أن بناء مشروعات بنية تحتية جديدة لنقل الطاقة يحتاج لوقت طويل.
وحسب مؤشر أليريان الاقتصادي، كان أداء مجموعة واسعة من شركات تشييد البنية التحتية لنقل الطاقة ضعيفًا حتى الآن هذا العام، ومن بينها الشركات العاملة في مجال ضخ النفط والغاز.
وشهد مؤشر شركات الطاقة الوسيطة انخفاضًا ملحوظًا، بعد أن تم تداوله بمتوسط مضاعف يبلغ 20 ضعفًا للأرباح الآجلة على مدى السنوات العشر الماضية. واستمر هذا الانخفاض متعدد الاتجاهات بشكل مطرد منذ انتهاء ذروة أسعار النفط الخام في 2014. وهذا العام، كان متوسطه أقل بتسع مرات من أعلى مستوياته.
ختامًا، يمكن القول إن التباطؤ الاقتصادي قد يكون بالضبط ما يحتاجه قطاع نقل وتكرير الطاقة المضطرب حتى يتمكن من الانتعاش مجددًا.