%9.9 انكماش في إنتاج تركيا في الربع الثاني، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.انكمش الاقتصاد التركي، الذي تضرر بشدة من جائحة فيروس كورونا، بشكل حاد في الربع الثاني من العام الحالي، مما يهدد التعهد السياسي المركزي للرئيس رجب طيب أردوغان بإحياء الازدهار الاقتصادي للأمة بسرعة.«فقدت تركيا ثقة مصادر التمويل الأجنبية، وما لم يتدفق الاستثمار الأجنبي، فلن يتمكن الاقتصاد التركي من النمو».
الخبير الاقتصادي مصطفى سونميز
وقالت وكالة الإحصاء الوطنية التركية، أول أمس الإثنين، إن إنتاج تركيا انكمش بنسبة 9.9٪ في الربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، و11 ٪ مقارنة بالربع الأول من عام 2020. وعانت تركيا من شبه شلل تام في مرافق السفر الجوي العالمي، مما جعل منتجعاتها بلا سائحين تقريبًا، وذلك بسبب إجراءات الإغلاق التي استمرت لشهور في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، مما عطّل صادرات سياراتها وغيرها من السلع المصنعة.
وأعربت الحكومة التركية عن ارتياحها لانكماش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة أقل نسبيًا مما حدث في بعض الاقتصادات الكبرى. وقال وزير المالية التركي بيرات البيرق Berat Albayrak في تغريدة على تويتر: «على عكس التصريحات المتشائمة، أظهر الناتج المحلي الإجمالي لدينا نتائج جيدة مقارنة بالدول الأخرى، ونتوقع انتعاشًا على شكل حرف V». وأضاف: «أسس الاقتصاد التركي قوية وديناميكية». لكن الخبراء الاقتصاديين على الجانب الآخر يحذرون من أن الأشهر المضطربة في الاقتصاد التركي لم تنته بعد.
ومصدر القلق الرئيسي هو أن تركيا، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي، أبعدت العديد من المستثمرين الأجانب الذين ساعدوا أردوغان في تحويل البلاد من دولة اقتصادية صغيرة إلى قوة إقليمية خلال العقد الأول من حكمه، حيث استمر في منصبة لمدة 18 عامًا.
ومن خلال الحفاظ على سعر الفائدة القياسي دون مستوى التضخم، عمل البنك المركزي التركي على تثبيط الاستثمار في الأصول المقومة بالليرة التركية، مما تسبب في عمليات بيع قياسية للسندات والأسهم التركية من قبل المستثمرين الأجانب منذ بداية العام.
وقال مصطفى سونميز Mustafa Sonmez، الخبير الاقتصادي المقيم في اسطنبول: «فقدت تركيا ثقة مصادر التمويل الأجنبية. وأضاف: «ما لم يتدفق الاستثمار الأجنبي، فلن يتمكن الاقتصاد التركي من النمو».
ومما زاد الأمور تعقيدًا بالنسبة إلى أردوغان، أن السياسة التي اتبعتها الحكومة، وكانت تهدف إلى تعزيز النمو عن طريق زيادة توزيع القروض خلال العام الماضي، جاءت بنتائج عكسية.
فبعد تشجيع الحكومة للمستثمرين للحصول على قروض رخيصة، زادت الشركات والأسر من إنفاقها على شراء المنتجات المستوردة، حتى مع انهيار السياحة، مما قلل من كمية العملات الأجنبية التي تدخل البلاد، وتسبب في فجوة في الحساب الجاري التركي. وأدى ذلك إلى تفاقم ضغوط البيع على الليرة، التي هبطت إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار في وقت سابق في أغسطس.
وقال المصدرون الأتراك إن الضعف المطرد في الليرة أصبح مصدر مشاكل لأنه بينما يجعل سلعهم أرخص، فهو يزيد أيضًا من أسعار المنتجات المستوردة التي يستخدمونها. وفي شركة ميلوني Meloni، وهي شركة تركية تصنع مقابض الأبواب ولديها عملاء في روسيا وجميع أنحاء الشرق الأوسط، قال المدير حقي سين Hakki Sen إنه يشتري معظم المكونات - من النحاس للألمنيوم وحتى الخشب - بالدولار.
وقال سين في مقابلة معه بأحد متاجر ميلوني في اسطنبول: «ليس هناك مكسب». وأضاف: «نعم، نحصل على بعض الدولارات لكنها سرعان ما يتم إنفاقها مجددًا».
وفي محاولة لوقف انخفاض الليرة، اتخذ البنك المركزي التركي خطوات لتضييق المعروض النقدي في أغسطس، مما دفع معظم الاقتصاديين إلى توقع المزيد من الانكماش الاقتصادي، وقفز في معدلات البطالة بعد سنوات من النمو السريع، الذي ساعد على تعزيز الدعم لأردوغان.
وقال صندوق النقد الدولي في توقعاته لشهر يونيو إنه يتوقع انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 5 ٪ هذا العام. وتقول وكالة الإحصاء الوطنية التركية إن هناك حوالي أربعة ملايين شخص عاطلون عن العمل، مما يجعل معدل البطالة أكثر من 13 ٪.
لكن نقابة العمال التركية، ومقرها اسطنبول، تقول إن 6 ملايين آخرين فقدوا وظائفهم بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.
وفي الأسابيع الأخيرة، ضاعف أردوغان من المبادرات السياسية لرفع الروح المعنوية الدينية والقومية، بما في ذلك تحويل آيا صوفيا - التي كانت متحفًا على مدار 86 عامًا - إلى مسجد، وتحدي اليونان للسيطرة على مياه البحر الأبيض المتوسط المتنازع عليها.
وقال الخبير الاقتصادي سونميز: «أردوغان يحاول الاحتفاظ بقاعدة ناخبيه». مضيفًا: «لكن تعاسة الأتراك تتزايد».