3.5 مليار دولار.. جمعتها سوق السندات الانتقالية عبر 7 معاملات منذ بداية ظهورها حتى الآن.عندما احتاجت شركة كادينت غاز المحدودة Cadent Gas Ltd. إلى استبدال أجزاء من شبكة خطوط الأنابيب الخاصة بها عبر إنجلترا هذا العام، استطاعت جمع 500 مليون يورو من بيع نوع جديد من الديون، والمعروفة باسم «السندات الانتقالية».«من خلال إصدار سندات خضراء أو انتقالية، ستكون الشركات قادرة على جذب أموال مديري الصناديق، ممن لديهم تفويضات لشراء استثمارات مستدامة»..
أنجولي بانديت- مصرفية في بنك بي إن بي باريبا.
ويتم وضع هذه السندات، التي تعادل قيمتها 560 مليون دولار، كجزء من مجموعة جيدة من فرص الاستثمار التي تتبع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة أو الـ(إي جي إس ESG)، حيث ارتفعت شعبية هذه السندات في السنوات الأخيرة.
ولكن بدلا من إصدارها من قبل الشركات التي تدعي حصولها على درجة عالية من الإي جي إس، تم تصميم السندات الانتقالية لجذب الشركات، التي لا تزال تعمل على التحول إلى الطاقة النظيفة.
وكما هو الحال مع استثمارات الإي جي إس الأخرى، لا توجد تعريفات أو لوائح صارمة وسريعة لتحديد من يجمع الأموال، ولأي غرض. وبشكل عام، تهدف السندات الانتقالية إلى تمويل المشاريع التي تجعل عمليات الشركة أكثر صداقة للبيئة، وتساعد على التحرك نحو تطوير اقتصاد منخفض الكربون.
ويحاول المصرفيون والمسؤولون الحكوميون وغيرهم من أصحاب المصلحة تجميع المبادئ التوجيهية لفئة الأصول الجديدة هذه. ويقولون إنه حتى الإطار الطوعي من شأنه أن يساعد على تحفيز ازدهار هذا النوع الجديد من السندات، من خلال إضافة عنصر الشرعية عليها.
ولا تزال سوق السندات الانتقالية في طور التكوين، حيث تم إجراء 7 معاملات جمعت 3.5 مليار دولار فقط حتى الآن، وذلك وفقًا لمؤسسة بلومبرج نيو إنرجي فاينانس Bloomberg New Energy Finance.
وتشمل جهات الإصدار الأخيرة الشركة الإيطالية المورّدة للغاز سنام إس بي إيه Snam SpA، وشركة معالجة اللحوم البرازيلي مارفينج جلوبال فوودز إس إيه Marfrig Global Foods SA، ومشغل شبكة الغاز البريطانية كادينت.
في المقابل، جذب سوق السندات الخضراء، حيث يتم جمع الأموال للمشاريع البيئية، 268.8 مليار دولار العام الماضي.
ويقول روب أومالي Rob O’Malley، رئيس الخزانة في شركة كادينت: «نحن ننقل في الوقت الحاضر غاز الميثان، والذي من المعروف أنه غاز كربوني. لذا، شعرنا أننا سنواجه مشكلة مصداقية مع بعض المستثمرين إذا وضعنا معاملاتنا في إطار أخضر» مشيرًا بحديثه هذا إلى أن السندات الانتقالية باتت أكثر ملاءمة لمناخ الأعمال في الوقت الحالي.
ولا يزال هناك مناقشات حول ما إذا كان هذا التطور – المتمثل في دعم الشركات للبيئة من خلال السندات الانتقالية - جديرا بالثناء، ودور ذلك التطور في تحقيق التمويل المستدام.
ويقول نشطاء تغير المناخ إنه على المستثمرين والمنظمين بذل كل ما في وسعهم لتسريع التحول إلى عالم أنظف، بما في ذلك تقديم حوافز للمتسببين بالتلوث لتغيير طرقهم. لكن بعض المحللين يتساءلون عن مدى جدوى القيم الأساسية للتمويل المستدام إلى حد بعيد الآن، مقارنة باستخدام الأموال المخصصة من قبل المستثمرين للمشاريع البيئية أو الاجتماعية - بدلاً من ذلك - لإصلاح خطوط أنابيب الغاز على سبيل المثال.
أيضًا، أثارت جائحة فيروس كورونا المستجد، والانكماش الاقتصادي الناتج عنها، في ظهور موجة من مبيعات السندات، حيث تتطلع الشركات إلى جمع أموالها كواق لها في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
وفي الوقت نفسه، نما الاستثمار المستدام أو المسؤول اجتماعيًا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مع ظهور كل من المستثمرين الصغار والكبار الذين يرغبون في التأثير على التغيير الاجتماعي، ومراعاة العوامل المؤثرة على البيئة، مثل: نمط الحياة الحديثة أو أخلاقيات العمل مع تحقيق عوائد أيضًا.
ولم يمنع غياب الرقابة المستثمرين أو الشركات من رفع مخصصاتها الموجهة لـ«الاستثمار المستدام» والذي يكون مفهومه متضاربا لدى بعض هذه الشركات أحيانًا.
وتدفقت مليارات الدولارات إلى الصناديق التي تركز على الإي جي إس، حتى خلال تقلبات السوق عام 2020. وقالت أنجولي بانديت Anjuli Pandit، التي تعمل كمصرفية في بنك بي إن بي باريبا، إنه من خلال إصدار سندات خضراء أو انتقالية، ستكون الشركات قادرة على جذب أموال مديري الصناديق، ممن لديهم تفويضات لشراء استثمارات مستدامة.
ويشعر بعض المستثمرين والناشطين بالقلق من أن السندات الانتقالية ستكون بمثابة وسيلة للشركات لمحاولة الظهور بمظهر أكثر صداقة للبيئة مما هي عليه في الواقع.
وقالت فرانشيسكا سواريز Francesca Suarez، مديرة أبحاث الإي جي إس في مؤسسة ميروفا Mirova، وهو صندوق الاستثمارات المسئولة بيئيًا التابع لشركة ناتيكسيس إس إيه Natixis SA، إن بعض جهات الإصدار قد تستخدم الأموال التي تم جمعها لدفع تكاليف الترقيات الروتينية، دون محاولة إجراء تغييرات كبيرة حقيقية على البصمة الكربونية للشركة.
وأضافت: «هناك خطر كبير للغاية من وقوع عمليات غسيل أموال أخضر، وهو أمر يجب الانتباه إليه بشدة».
وتقول شركة كادينت، إن الأموال التي جمعتها في مارس مع السندات الانتقالية سيتم استخدامها للحد من تسرب غاز الميثان، وهو من الغازات الدفيئة، التي تساهم بشكل أكبر في ظاهرة الاحتباس الحراري الناتج عن الكربون.
وفي الوقت نفسه، أدرجت المفوضية الأوروبية مشاريع انتقالية في اقتراح يونيو 2019 لتصنيف الاستثمار المستدام. ويقول التصنيف إن المشروعات تكون مؤهلة فقط للحصول على تصنيف «شركة خضراء» إذا كانت بالفعل منخفضة التلوث، بحيث تنبعث منها 100 جرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوواط/ ساعة أو أقل في حالة توليد الطاقة، ويجب أن يكون لدى الشركة هدف لتقليل الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050.
وقال جوناس روز Jonas Rooze، رئيس تحليلات الاستدامة في مؤسسة بي إن إي أف BNEF، إن مثل هذه القواعد الصارمة ستستبعد المشاريع التي مولتها السندات الانتقالية حتى الآن.
لكن وعلى الجانب الآخر تقول ميشيل ديفيز Michelle Davies، رئيسة قسم الطاقة النظيفة والاستدامة في مؤسسة إيفرشيدز سازرلاند Eversheds Sutherland، إن إصدار معيار مشترك «سيجعل المستثمرين أكثر راحة، وربما يزيد الطلب على السندات الانتقالية»، كما أجرت ديفيز محادثات مع شركات تعمل في مجال تجارة التجزئة للمستهلكين والأزياء والمستحضرات الصيدلانية حول إمكانية إصدار سندات انتقالية.
وقالت ديفيز: «لقد تسببت أزمة كوفيد في مماطلة البعض، ولكن كل الدلائل تشير إلى أن اهتمام المستثمرين لا يزال يركز بشدة على جميع الأمور المتعلقة بتطبيق معايير الإي جي إس».
ساهم بات مينسزيسكي في هذا المقال.