12 أسبوعا مد فيها حاكم نيويورك الإغلاق المفروض على المدينة خوفا من التعرض لموجة ثانية من إصابات «كوفيد - 19»أحاطت عمليات بيع الأسهم، يوم الخميس الماضي، انتشار حالة من الخوف بين المستثمرين من أن «الموجة الثانية» من عدوى فيروس كورونا المستجد يمكن أن تتسبب في إغلاق الدول والولايات التي أُعيد فتح أبوابها مرة أخرى. لكن عناوين الأخبار الرئيسية، التي تنتشر حول احتمالية عودة ظهور فيروس كورونا في الولايات المتحدة مجددًا مبالغ فيها حتى الآن، وبات التهديد الأكبر على البلاد هو ما قد ينتج عن إبقاء الاقتصاد في حالة غيبوبة.
ويستشهد الديمقراطيون بارتفاع حالات الإصابة في فلوريدا وأريزونا وتكساس كدليل على احتمالية عودة الفيروس، لكن إجراء المزيد من الاختبارات، خاصة في المجتمعات الضعيفة، يؤدي بطبيعة الحال إلى ظهور المزيد من الحالات.
وزادت الحالات في ولاية تكساس بنحو الثلث في الأسبوعين الماضيين، وكذلك زاد عدد الاختبارات التي يتم إجراؤها على السكان. ويقع حوالي ربع الحالات الجديدة في مقاطعات ذات سجون كبيرة، ومصانع لتعليب اللحوم لم يتم إجبارها أبدًا على الإغلاق.
وزادت الاختبارات بنحو 37٪ في فلوريدا خلال أسبوعين، لكن الحالات المؤكدة ارتفعت بنسبة 28٪. وكانت الحالات ترتفع بوتيرة أسرع خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر أبريل الماضي، حيث وصلت إلى 47 %، بينما بقيت معظم الولاية مغلقة.
وأصبحت المطاعم ومراكز التسوق والحلاقة وصالات الألعاب الرياضية مفتوحة الآن، بشرط اتباعها إرشادات المباعدة الاجتماعية.
وفي ولاية أريزونا، زادت الحالات بنسبة 73 % في الأسبوعين الماضيين، على الرغم من زيادة الاختبارات بنسبة 53٪ فقط. لكن ربع إجمالي الحالات في الولاية موجودة في المحميات الهندية، التي لديها مجموعات سكانية عالية المخاطر بشكل خاص، ومعدل الإصابة بالسكري بين الموجودين فيها ضِعف الموجود لدى الأمريكيين الأصليين مثل البيض، ومعدل السمنة أعلى بنسبة 50 %.
وطالب الليبراليون ووسائل الإعلام بإجراء المزيد من الاختبارات قبل إعادة فتح الولايات، ومع ذلك ينتقدون الولايات التي فتحت اقتصاداتها الآن، بعد أن أدى إجراء المزيد من الاختبارات إلى ظهور المزيد من الحالات.
ويجب أن نضع في اعتبارك هنا أن نيويورك أبلغت عن نفس العدد من الحالات الجديدة في الأسبوعين الماضيين مثل فلوريدا، على الرغم من أنها زادت من الاختبار في وقت سابق، بحيث تبدو الزيادة النسبية أقل أهمية.
والمقياس الأكثر أهمية للحكم على الوضع هنا هو دراسة معدلات الاستشفاء. ففي أريزونا، ظل المتوسط الأسبوعي المتدرج لدخول حالات جديدة للمستشفي بسبب كوفيد-19/ Covid-19 ثابتًا لمدة شهر.
وارتفعت زيارات غرفة الطوارئ من مرضى كوفيد-19 هذا الأسبوع، ولكن لم يتغيّر عدد سرائر الطوارئ المستخدمة منذ أواخر أبريل. وأبلغت المستشفيات في أريزونا وكاليفورنيا عن زيادة في حالات المواطنين الأمريكيين وحاملي البطاقات الخضراء العائدين من المكسيك، حيث تعاني المستشفيات من الإرهاق.
ولكن مع توافر 22 % من سرائر العناية المركزة، و62 % من أجهزة التنفس، من المفترض أن تتمتع مستشفيات أريزونا بالقدرة على إدارة زيادة عدد المرضى بنجاح عند إعادة فتحها.
وأبلغت تكساس مؤخرًا عن ارتفاع عدد حالات كوفيد-19 في المستشفيات، ومعظمها في منطقتي هيوستن وأوستن.
وارتفعت المستشفيات الحالية المخصصة في علاج فيروس كوفيد-19 بنسبة 20 % تقريبًا منذ أن بدأت الولاية في إعادة فتحها، لكن الحاكم جريج أبوت يقول إن المستشفيات ليست مرهقة، وأن الكثير من الزيادة يتم تمريضه منزليًا، ولا يزال عدد المرضى في المستشفى في الوقت الحالي للفرد أعلى بنسبة 80 % في مدينة نيويورك منه في تكساس.
وبدأ أبوت بإعادة فتح الاقتصاد قبل ستة أسابيع، بينما بدأ كومو في السماح باستئناف التصنيع والبناء في مشروع بيج آبل Big Apple هذا الأسبوع.
على الجانب الأخر، تُعدّ الوفيات بمثابة مؤشر وبائي متراجع؛ لأن معظم الأشخاص الذين يموتون في المستشفى، يتلقون علاجًا قبلها لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. لكن الوفيات لا ترتفع.
وسجلت تكساس 151 حالة وفاة في الأسبوع الماضي مقابل 221 في الأسبوع الأخير من أبريل. وأبلغت فلوريدا عن 239 حالة وفاة، أي أقل بـ72 حالة من الأسبوع الأخير من أبريل.
وربما تنخفض الوفيات جزئيًا؛ بسبب تقديم العلاج للمرضى الآن بشكل أفضل ومبكر أكثر، ولكن هذا يعني أنه يجب أن يكون هناك القليل من الخوف من خطورة إعادة فتح الاقتصاد. وبينما أبلغت أريزونا عن 114 حالة وفاة - 43 حالة وفاة أكثر من الأسبوع الأخير من أبريل - فإن نسبة وفيات الفرد فيها مقارنة بالعدد الإجمالي للسكان مماثلة من حيث النسبة المئوية لنيويورك، التي أبلغت عن وفاة 325 حالة في الأسبوع الماضي.
وتفاخر كومو في عطلة نهاية الأسبوع الماضي بأن نيويورك «فعلت المستحيل» و«سحقت» منحنى فيروس كورونا المستجد، بعد أن أحرزت تقدمًا هائلًا منذ الأيام الأولى للوباء، الذي ضرب الولاية بشكل أقوى، وفي وقت أبكر من أي مكان آخر؛ بسبب كثافتها السكانية، ووقوعها في منتصف العديد من طرق السفر الدولية.
ورغم ذلك، لم نكن من بين المحللين الذين قالوا إن كومو كان يجب عليه غلق نيويورك في وقت سابق لإحكام السيطرة على الفيروس.
لكن الولايات الأخرى التي لم تفرض عمليات إغلاق صارمة، وأُعيد فتحها تدريجيًا أبقت الوباء تحت السيطرة، ولم تدفع ثمنًا اقتصاديًا باهظًا. فحوالي 7.3 % من العاملين في أريزونا وفلوريدا و11.4 % من عمال تكساس كانوا يعيشون على إعانات البطالة في أواخر مايو مقارنة بـ18.7 % في نيويورك.
ختامًا، يجب القول إن وقوع المزيد من الإصابات مع إعادة فتح الولايات أمر لا مفر منه، وسيكون هناك الكثير من التجربة والخطأ في هذا الصدد. ويتعيّن على الولايات أن تكون متيقظة لأماكن تفشي العدوى، وأن تحاول حماية المناطق المعرّضة للخطر والضعفاء. لكن تكاليف إغلاق الاقتصاد باهظة للغاية، حيث تسببت في أضرار في الأرواح وسبل العيش، بحيث لم يعُد هناك بديل عن فتح الاقتصاد الآن لخدمة الصالح العام الأوسع نطاقًا.
«إجراء المزيد من اختبارات الكشف عن فيروس كورونا، خاصة في المجتمعات الضعيفة، يؤدي بطبيعة الحال إلى ظهور المزيد من الحالات»