وكان جونسون يقصد بتعليقه الرد على تاتشر، التي قالت في حوار صحفي لإحدى المجلات عام 1987 إنها تعتقد «أنه لا يوجد شيء اسمه المجتمع». وأثار هذا البيان غضب صناع السياسة البريطانية لأكثر من ثلاثة عقود بوصفه واحدا من أكثر الاقتباسات السياسية التي يساء فهمها على نطاق واسع في القرن العشرين.
ولم تكن تاتشر وقتها تناقش قوة الفرد ولكنها تقف ضد فكرة «المجتمع» الذي يحمله الناس مسئولية حدوث مشكلة أو حلها بعد ذلك.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية لمجلة وومنز أون Women’s Own وقتها: «لا يوجد شيء اسمه المجتمع. هناك فقط نسيج حي من الرجال والنساء والناس، وسيعتمد جمال هذا النسيج ونوعية حياتنا على مدى استعداد كل منا على تحمل مسؤولية أنفسنا، وأن يكون كل واحد منا مستعدا لتوجيه المساعدة للأفراد الآخرين الأقل حظا».
وهو بالضبط ما فعله الجمهور البريطاني مع ظهور أزمة فيروس كورونا، حيث استجاب ملايين الأفراد البريطانيين لنصائح الحكومة بالبقاء في منازلهم قدر الإمكان لحماية الضعفاء، ورعاية الجيران الذين يحتاجون إلى المساعدة في التسوق لشراء البضائع أو ما شابه.
ويظهر ذلك الأمر جليا في نموذج عمال البقالة الأفراد، ممن يعملون في المخازن والمتاجر حتى الآن -رغم مخاوف الإصابة بالفيروس- للحفاظ على أرفف المتاجر ممتلئة. والأمر نفسه ينطبق على الأطباء والممرضات والمساعدين الطبيين، ممن يعملون كل يوم على الرغم من المخاطر المحيطة بهم.
إنه لأمر جيد أن يقدم الأفراد البريطانيون تلك المساهمات، لأن حكومتهم غير الفردية -التي تمثل النموذج الذي يقصده منتقدو تاتشر عادة عند الحديث عن ضرورة وجود مجتمع- كان من الممكن أن تخذلهم.
وخلال الفترة الأخيرة كافحت خدمة الصحة الوطنية بالمملكة المتحدة لتكثيف جهودها، على الرغم من مغامرتها بحياة موظفيها في خطوط الدفاع الأمامية للتصدي للفيروس.
وبالكاد تستطيع حكومة لندن الحصول على استراحة الآن، وحتى نهاية الأسبوع الماضي استمرت بعض الإدارات المحلية في فرض غرامات على وقوف سيارات موظفي خدمة الصحة الوطنية بالقرب من المستشفيات.
ختاماً، يمكن القول إن تاتشر فهمت مبكرا أن نسيج المجتمع البريطاني الحقيقي أغنى بكثير من حكومته، كما فهمت أن المسئولين البريطانيين يمكن أن يكونوا على قدر المسئولية في الأزمات الكبرى كما هم الآن.
20 ألف موظف سابق في الخدمة الصحية الوطنية بالمملكة المتحدة عادوا للعمل لمساعدة حالات الإصابة بفيروس كورونا