60 % من المشاركين في استطلاع لمؤسسة جالوب أكدوا موافقتهم على إدارة ترامب لأزمة تأثيرات كوروناأدت أزمة كوفيد 19 إلى قلب الحياة في أمريكا رأسًا على عقب، بما في ذلك الحملة الرئاسية للانتخابات المرتقبة في شهر نوفمبر المقبل، حيث يواجه كل من نائب الرئيس السابق جو بايدن Joe Biden والرئيس ترامب تحديات إستراتيجية جديدة، والبلاد تراقبهما عن كثب.50 ألف متطوع انضموا إلى حملة ترامب لترشيحه لدورة ثانية للرئاسة في أسبوع واحد
وعندما تحوّلت الولايات المتحدة من التركيز على الانتخابات التمهيدية إلى أخبار الحجر الصحي الذي فرضه فيروس كوفيد- 19، تمّ تهميش أخبار بايدن بشكل طبيعي.
وكانت خطوته الأولى للمقاومة هي تحويل غرفة استراحة منزله إلى استوديو، حتى يتمكّن من الظهور في برامج التليفزيون، ولكن لم يكن ذلك كافيًا، حيث كان خطابه يوم الإثنين غامضًا وضعيفًا، وشوّهه استخدام جهاز كمبيوتر يعمل بخلل تقني واضح، وخطاب متعرّج كان يمكن تقبّله لو كنا في الأربعينيات، كما لم يكن بث الفيديو لطيفًا، وظهرت بعض العدائية بين بايدن والملقن الخاص به، حيث ظل يقول: «هيا يا رجل»، وكأنه غير مطمئن لما يحدث.
ولم يُدرك بايدن بعد أنه كمرشح ديمقراطي مفترض، فهو بالفعل زعيم الحزب. ومن المستغرب عدم توليه مسؤولية صياغة الحزب لمشروع قانون التحفيز الاقتصادي لمواجهة تأثيرات كوفيد-19، حيث ترك الأمر خطأ إلى نانسي بيلوسي Nancy Pelosi رئيسة مجلس النواب الأمريكي وتشاك شومر Chuck Schumer زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، واللذين جاءا بمطالب لا علاقة لها إطلاقًا بالفيروس، بما في ذلك تسجيل الناخبين في نفس اليوم، وجمع بنود الإنفاق التقديرية، وتوفير امتيازات للنقابات.
ودعم بايدن هذا القانون، وبالتالي يمكن أن يُلام على التأخير الذي ظهر في عرضه. ولكن بما أنه لم يقُد الحزب الديمقراطي في هذا الصدد، فلا يمكن أن يُنسب الفضل له في الحل الوسط الذي ظهر بعد ذلك بين الحزبَين على المشروع.
على النقيض من ذلك، في الأزمة المالية لعام 2008، تدخّل الرئيس السابق باراك أوباما وقاد الحزب الديمقراطي، وأمر حزبه باتباع نهج معيّن، وتمتع بصرامة كافية لتمرير مشروعه لتخطي الأزمة.
ولكن على النقيض من أوباما لم يُظهر بايدن تلك القدرة على القيادة أو الجاذبية. وبدلًا من إبعاد الكاميرا والعمل الجاد، يريد بايدن جذب الأضواء. وقد تدمّر هذه الرغبة في الظهور المصداقية التي سيحتاجها للسيطرة على الأضواء لاحقًا. لذا فمن الأفضل لبايدن قضاء وقته الآن في إعداد حملة أفضل وتنمية قدراته كمرشح رئاسي.
أيضًا يجب على بايدن أن يقرر قريبًا ما إذا كان سيستمر في التحرك يسارًا أو يؤكد على أنه ديمقراطي أكثر وسطية. وقد يشير اختيار بايدن لخوض الدور الأول من الانتخابات إلى أنه يعتقد أن النصر هذا الخريف يعتمد على حشد مؤيدي السيناتور بيرني ساندرز في ولاية فيرمونت عبر الموافقة على العديد من وجهات نظر سكان الولاية.
أما اختياره للثاني فسيعني أنه يعتقد أن مفتاح النصر يكمن في سكان الضواحي الذين تأرجحوا في انتخابهم للديمقراطيين في عام 2018، وأنه سيحصل على تصويت مرشحي بيرني بكونه البديل الأفضل لترامب، وليس بسبب اتباعه جدول أعمال اشتراكيًا.
لكن بايدن ربما يكون قد خسر بعض الضواحي بالفعل الآن، بعد تبنّيه مواقف تجعل الناخبين يبتعدون عن اختياره في نوفمبر، مثل: برامج الرعاية الصحية المجانية للمهاجرين غير الشرعيين، ونسخته من الصفقة الخضراء الجديدة (الصفقة الخضراء: هي معايير جديدة لمراعاة تغيّرات المناخ في القرارات الاقتصادية لأمريكا).
على الجانب الآخر، تقدم أزمة كورونا لترامب إمكانات صعودية أو هبوطية محتملة أكبر، حيث لا يلوم الأمريكيون الرؤساء على حالات الطوارئ غير المتوقعة، ولكنهم يحكمون على كيفية ردهم على الأزمة رغم ذلك. ويجب على الرؤساء ليس فقط تنفيذ استجابة واسعة وفعّالة بمرور الوقت، ولكن أيضًا تهدئة مخاوف الناس وتحقيق وحدة الشعب.
وفي هذه اللحظات، يُعد الرئيس هو الصوت الرئيسي للبلاد، لكنه ليس الوحيد، حيث يجب أن يشتمل الإطار العام على قادة وخبراء أيضًا.
وبعد بداية صعبة إلى حدّ ما، حقق فريق ترامب خطوته الجريئة مع القرارات الجوهرية والإحاطات المنتظمة.
ولم تكن جلسة الرئيس «الماراثونية» التي استغرقت ساعتين في غرفة إحاطة البيت الأبيض، يوم الإثنين الماضي، خالية من الأخطاء، لكنها كانت مفيدة للغاية، وتكرّر نفس السيناريو في لقائه الافتراضي يوم الثلاثاء.
وكل ذلك كان له تأثير، حيث أظهر الاستطلاع أجرته قناة (إيه بي سي نيوز) في 12 مارس أن 43٪ من الأمريكيين يوافقون و54٪ يرفضون تعامل ترامب مع الأزمة، ولكن انقلبت هذه الأرقام بحلول 19 مارس وأصبحت: 55٪ موافقون و43٪ رافضون، وبحلول 22 مارس، جاءت نتيجة تصويت لمؤسسة جالوب بـ60٪ موافقة.
الوقت فقط سيحدد ما إذا كان ترامب يستطيع الحفاظ على هذا المسار الصعودي. فهناك قرارات صعبة مقبلة بلا شك، لا سيما فيما يخص تحقيق التوازن بين الحاجة إلى الإغلاق بسبب الفيروس، مقابل الحاجة إلى إعادة تشغيل الاقتصاد.
ويجب أن يثق الرئيس الأمريكي في التأثير التحفيزي لمشروع قانون الإغاثة الاقتصادية، وأن يستجيب لمجلس مستشاريه من الأطباء، فإذا لم يتم احتواء الوباء، فسوف ينهار الاقتصاد.
ولن يحمّل الناخبون ترامب المسؤولية عن التباطؤ في الوقت الحالي، فسوف يتفاعلون مع طريقته في إدارة الأزمة سلبًا بعد ذلك - ما لم تظهر أخبار متفائلة وقدّم الرئيس حزمة قوية من الإجراءات لاستعادة الازدهار-.
على الجانب الآخر، لا يزال ترامب مرشحًا للرئاسة، لكنه لا يستطيع عقد مسيرات، أو إقامة نشاط في حملته الرئاسية الأفضل حتى الآن. ولكن لا داعي للقلق، فبعد انتهاء الأزمة سيكون هناك طلب أكبر على حملة ترامب، وسيجذب الرئيس المزيد من الحشود ووسائل الإعلام، خاصة إذا تم تنفيذ حملته مع الاهتمام بتوجيه رسالة كل يوم.
ويستفيد ترامب حاليًا من ميزة الحملة الأكثر رقمنة في التاريخ، فهناك لا مركزية في عمل حملة ترشيح الرئيس عبر الإنترنت الآن، كما تعمل بسلاسة حتى في حالة الإغلاق الناتج عن الفيروس.
وقام المتطوعون الأسبوع الماضي بإجراء 3.2 مليون مكالمة، وتسجيل أكثر من 50 ألف متطوع إضافي.
ختامًا، يمكن القول إن الأمريكيين يراقبون الرئيس وبايدن باهتمام كبير، ويأخذون ملاحظات على الرجلين، واللحظات الحاسمة لهذه الأزمة لم تأتِ بعد، ولكن عندما تأتي، ستضع نتيجة السباق الرئاسي في الميزان.