ومن التحديات التي يجدر ذكرها هنا وجود الكثيرين ممن يستهويهم الجلوس بالصف الأول، أو خلف الشخصية الرئيسية دون مراعاة لتوجيهات المضيف بل قد يتمادى بهم الأمر للجلوس على مقاعد معنونة بأسماء ضيوف آخرين.
ومن غرائب ما شاهدته كذلك أن هناك من يرسل أحدا لمقر الاحتفال فقط لحجز مقعد له في المناسبات والفعاليات، وذلك من منطلق اعتقادهم بأن عدم جلوسه فى الصف الأول معيبة كبرى وتقليل من شأنه وقد يراه تهميشا لمكانته الاجتماعية المزعومة.
ومن منظور العلاقات العامة فإن عملية التجليس مهمة حساسة للمسؤولين عن المراسم والمناسبات في الحفلات الرسمية، لأنهم يرتكزون في تنفيذ هذه المهمة على خطة يتم إعدادها للمدعوين حسب مراكزهم الوظيفية وحسب الأقدمية ومجموعة من المعايير الأخرى التي يصعب تفصيلها هنا، فتجد أنه في الحفلات التي يكون ضيوفها من جهات متعددة يحاول مسؤول المراسم تنسيق الجلوس حسب أهمية الحدث وحسب التدرج في المراكز الوظيفية،
ومن تجارب عملية فقد حاولنا أن نضع حلا لهذه الإشكالية مراعاة لخواطر البعض من هذه النوعية من الضيوف، بمد الصف الأول بشكل كبير فظهرت لنا مشكلة الجلوس في الأطراف وهو ما يعتبر موقعا غير مرضٍ لهذه الشخصيات.
ورغم كل الجهود التي يبذلها موظفو المراسم في التخطيط لإنجاح مناسبتهم إلا أنه يظهر لهم أشخاص يربكون خططهم التنظيمية، وبعضهم للأسف من الشباب الذين بدأوا يتقمصون أدوارا ليست لهم ويربطون جلوسهم في الصف الأول بقوة شخصيتهم ومكانتها.
وهذه العقد -إن جاز التعبير- ليست رهينة بمجتمعنا فحسب، فهي موجودة في كثير من المجتمعات وقد تناولها وكتب عنها عدة كتاب خليجيين وعرب.
لكن ما يحزن فعلا هو أن تتطور هذه العقدة لتكون سببا لمغادرة الحفل في حال لم يتوافر له مقعد حسب مبتغاه أو اكتشف أنه لم يخصص له مقعد ضمن الجالسين في الصف الأول.. وهذا أمر يدعو للاستغراب في طريقة التفكير بهذا الشكل.
ولعلي أسوق لكم نادرة بهذا الخصوص، وهي أن أحد مسؤولي العلاقات العامة ومن شدة معاناته من معضلة التنافس على الصف الأول اقترح حلا طريفا لهذه الإشكالية المفتعلة، وهو أن يتم تصميم مسرح بصف واحد فقط، مع أنني أكاد أجزم بأن هذا الحل لن يرضيهم رغم استحالته!
dhfeeri@