* البحث عن حلول إستراتيجية، لندرة الماء، أمر ضروري، بل حاجة ملحة، وليس ترفا، ولا يمكن أن يكون كذلك. يتعاظم قلقي، وأيضا سيتعاظم قلقكم على الماء، عندما تعرفون، أن استنزاف المياه الجوفية المتجددة، بفعل الأمطار، يتضاعف عن التعويض بعشر مرات. هذه المعلومة الصادمة، يجب أن تلهمنا الحلول الإستراتيجية، التي تضمن استدامة توفر الماء، للإنسان، والبيئة، وبقية شركائنا في الحياة على أرضنا الطيبة.
* قضيتي مع الماء، قضية وطن، وقضية أجيال قادمة. لا مجال لتجاهلها، أو تجاوزها دون اكتراث. هل هناك أكبر من صدمة الحقيقة، التي تقول بندرة المياه في المملكة؟ لا يوجد أبدا. وهذه حقيقة كان يجب أن تؤرق الجميع، وتلهم الجميع الحكمة بأن تكون هناك حلول إستراتيجية تاريخية مستدامة.
* بعض الحقائق تأتي بالحلول معها، لكن علينا فقط إثارة التساؤل كيف؟ يجب أن يعطى الأمر لأهله، وليس لأهل الاجتهادات، وأصحاب الحلول غير الإستراتيجية. يجب تجنب أمر المعالجة للمشاكل الإستراتيجية، فهي لا تتطلب علاجا، ولكنها تتطلب أكثر من العلاج، تتطلب مشاريع إستراتيجية تقضي على المشكلة برمتها، أي أن العلاج هنا يتم بالاستئصال النهائي لجذور المشكلة، فالعلاجات فقط تمد في مدة وقوع نتائج المشكلة الوخيمة، والتي هي ثمرة غياب الاستئصال.
* وليسمح لي الجميع هذه المرة، بالحديث عن نفسي وعن قصة قضيتي الماء. وقد وضعت حلا إستراتيجيا، وكتبت عنه الكثير. البعض استعان بأفكاره وتبنّاها، حتى دون ذكر اسمي كمرجع، وهذا لا يضيرني، ولكن المشكلة أنهم ينقلون هذه الأفكار التي أطرحها، ويتبنون ملامحها، دون أن يدركوا عمق بعدها وفلسفتها. فيقدمونها كمشاريع، لحل يقترحونه ويتباهون، وهذا تصرف في منتهى الخطورة. أعمالهم اجتهادات، وليست حلولا إستراتيجية. منها على سبيل المثال، مشروع وزارة البيئة والمياه والزراعة، لإعادة تأهيل المدرجات الزراعية، في مناطق الجنوب الغربية. إنها مشاريع لا تختلف عن مشاريع زراعة القمح والشعير، مصيرها إلى الفشل. مشاريع لا تقدم حلا إستراتيجيا مستداما.
* كتبت محذرا في ثمانينات القرن الماضي الميلادي، من التوسع في زراعة القمح، ثم عاودت الكتابة في تسعينيات القرن الماضي، ولم يكترث أحد بما كتبت، ولكن بعد ربع قرن، فاق الجميع على حقيقة ما كنت أحذر منه. ولكن بعد استنزاف أكثر من (700) مليار متر مكعب من المياه الجوفية الإستراتيجية، وضياع أكثر من (130) مليار ريال، على زراعات عشوائية.
* الخلاصة.. إنه في ظل شح الماء وندرته.. أقول.. إن من يلعب بأمنه المائي.. لن يكترث بأمنه الغذائي.. وهكذا في كل الظروف.. والأوقات.. وجميع مراحل الحياة.
@DrAlghamdiMH