محاباة الأقارب في التوظيف يطلق عليها بمفهوم الموارد البشرية "Nepotism"، ويعتبر من أسوأ أنواع ممارسات الموارد البشرية، وحتى تتضح الصورة بشكل أكبر أرى أن صلة القرابة وحدها لا تعني إقصاء تلك الكفاءات أو اتهامها بالفساد إذا كانت إجراءات التوظيف واضحة وبلا أي أفضلية لطرف عن باقي المرشحين قبل التعيين، فنحن في وقت نحتاج فيه لزيادة الكفاءات "كما ونوعا" في ظل المتغيرات العديدة التي تحتاج لكفاءات بشرية تقود المرحلة القادمة بجميع تحدياتها.
كتبت سابقا في أكثر من مقال عن هذا الداء والذي أتمنى أن نبتره بترا تاما، واقترحت سابقا بأن تبدأ وزارة الخدمة المدنية بخطوة جادة في تطوير إجراءات توظيف المرشحين في جميع الجهات الحكومية وذلك بإلزامهم بالتوقيع على وثيقتين، الأولى تتعلق بالإفصاح عن عدم وجود تعارض للمصالح بين المرشح للوظيفة والجهة التي سيتم توظيفه فيها، والثانية تتعلق بالإفصاح عن الأقارب ومراكزهم الوظيفية في نفس الجهة التي سيتم توظيف المرشح فيها، بالإضافة للإفصاح عن الأقارب في المناصب القيادية بالجهات الحكومية الأخرى، حتى تكون الإجراءات أكثر وضوحا مما يساعد ذلك على تجنب أي سلوكيات غير سوية من الممكن أن تحدث داخل التنظيمات الإدارية، وذكرت أهمية تدخل هيئة الرقابة ومكافحة الفساد فيما يتعلق بهذا الأمر والإعلان بكل شفافية عن المخالفات والمخالفين.
محاباة الأقارب وتعيينهم على وظائف أكبر منصبا وحافزا ماليا من مؤهلاتهم، أو بتجهيزهم لمناصب أعلى يعتبر من أسوأ الممارسات التي ينبغي التصدي لها وفتح ملفاتها بأثر رجعي في جميع الجهات، ولا أستبعد إن تم ذلك سنذهل من النتائج كما ونوعا، وكوجهة نظر شخصية أرى أن الأمر في الوقت الحالي يحتاج لاستقلالية بدلا من الاعتماد على وزارة الخدمة المدنية وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، فالوقت حان لتشكيل هيئة مستقلة للإشراف وتدقيق جميع إجراءات التوظيف في القطاع العام، لأن المسألة شائكة ولها مسارات عديدة قد لا تكون محصورة في جهة توظيف واحدة.
ختاما: لو كان بيدي من الأمر شيء، لبدأت بمراجعة إجراءات التوظيف في الجهات المستحدثة خلال السنوات الماضية والرفع بكل شفافية عن ذلك، بالإضافة لمراجعة تجديد العقود لموظفي تلك الجهات، ومراجعة الترقيات والتعيينات القيادية التي تمت في تلك الجهات والرفع بها لمسؤول الجهة نفسها قبل أي خطوة أخرى، ومن بعد ذلك لكل حادث حديث.