أما أوتار القلب فهي مرتخية تماما، وشبه فارغة من العواطف الدافعة لاقتحام الحياة، ومثقلة بالكثير من المشاعر المحبطة المجردة من الحب الصافي، فالبعض يتعرف على الحب من خلال الكره، فلو كانت الكراهية أقل حينها تسمى حبا، لكن الحب ليس شكلا من أشكال الكراهية، ولا يمكن أن يجتمع النقيضان بتاتا في القلب السليم، وافتقاد ذلك النوع الصافي من الحب والغفران والتسامح هو الذي يعرقل أحدهم عن الاستمتاع بعزف موسيقى النعيم، ولهذا يسيطر التوتر على صفحة القلب، ويظل الغضب متأهبا دوما في الداخل منتظرا لأي فرصة بسيطة في الخارج ليطفو ويتدفق، ولا أحد يستشيط غضبا لأن أحدا ما أساء إليه، فالغضب كامن بالداخل والإساءة هي الفرصة التي سمحت له بالظهور، كالبئر الممتلئة ماء إن ألقيت فيه دلوا ثم سحبته سيكون ممتلئا، ولو لم يكن ثمة ماء في البئر فمهما حاولت وكررت سحب الدلو فلن تحصل على ماء.
لن نتمكن من عزف موسيقانا بجمال إلا حين ترتخي أوتار العقل وتهدأ الأفكار، وأن يكتسب القلب المزيد من جرعات التسامح التي تفرغه من سموم الغضب وتشد أوتاره بالمحبة والسكينة الداخلية.