يبدو هذا الكلام بالنسبة لعقلك سخافة بحتة، لأن العقل موجّه دومًا نحو البحث وتحقيق الهدف، بينما أنت هنا لا تعرض عليه شيئًا، وهذا الأمر سيثير استياءه ويدفعه لزرع الشك فيك، ويهمس لك بأنك لستَ على حق في قيامك بهذا العمل.
لمزيد من التوضيح، يمكننا أن نصف التأمل بالعملية التي تسمح فيها لعقلك بالتنزه وتبقى أنت مراقبًا لتحركاته ليس أكثر، فأنت من جهة تحاول أن تحافظ على عقلك فارغًا وهادئًا، ومن جهة أخرى تسمح للأشياء بالظهور فيه، وعندما تخطر ببالك فكرة ما فإنك تنظر إليها ببساطة وتراقب ظهورها واختفاءها، وإذا ظهرت مخاوف فإنك تتأملها دون تدخّل أو رغبة باتخاذ إجراء ما تجاه الأمر، فلا تزله ولا تقاومه، بل اسمح له بالتواجد، وستلاحظ أنك عندما تنظر إلى الخوف فإنه يتحوّل أو يصغر، فهو لا يهدف لشيء غير استرعاء انتباهك للرسالة التي يريد إيصالها، وستصل لهذه النتيجة بعد زمن من ممارسة التأمل وتهدئة ذلك العقل المتأرجح بأفكاره بلا توقف كالقرد بين الأشجار.