فإذا كونت فكرة جديدة بخصوص شخص أو حدث ما، فستبدأ بالنظر إليهما من خلال فكرتك وتعتبرها الواقع الموضوعي، فالشخص الذي اعتنق رأيا سلبيا بخصوص المطر والريح، يعتبر تواجدهما مزعجا ويتذمر من ذلك اليوم أو البلد الذي تكثر فيه الأمطار، في حين أن صديقه لا يؤيده في تلك الفكرة وتجده مستمتعا بالطقس في نفس الزمان والمكان، ومن الواضح أنهما يعيشان واقعين مختلفين في نفس اللحظة وبانفعالات متعاكسة تماما.
هناك الآلاف من أنماط التفكير التي تحدد طبيعة العوالم التي سنعيش فيها، فكل فرد فينا صانع عالمه وحاكمه، ويعيش الواقع الخاص به، ويستحيل أن يتأثر شخصان بنفس الوضع تأثرا متساويا تماما، وكل شخص تلتقي به يعتبر رسول عالمه.
ما رأيك في أن تحاول أن تنظر الى الأشكال المحيطة بك بتمعن، ثم تغلق عينيك وأذنيك حتى تشعر بأن العالم الخارجي انقطع، رغم استمرار مرور الصور والأصوات أمام بصرك الداخلي، ثم افتح عينيك وأذنيك وسيقتحم العالم الخارجي أحاسيسك فتمتلئ به وتفقد ما كان يحدث بداخلك، بإمكانك تكرار التمرين عدة مرات لتقتنع بأن العالم الخارجي موجود بالصورة التي تتصورها عليها داخل عقلك، فأنت أوجدته بداخلك وحين تفتح عينيك وأذنيك فأنت تتعامل مع العالم الذي صنعته داخليا، وكلما نظرت فأنت تضع مصدر انفعالاتك في الخارج، فتقع في فخ أحاسيسك ولا ترى تفاعلاتك الداخلية، لأن الأحاسيس تنقل انتباهك دوما للخارج، فتقول هذا بيت أنيق وهذه سيارة مميزة، أو هذه الموسيقى جميلة، وكل تصنيفاتك نابعة من سيناريوهاتك الداخلية، أو تقول، «هذا خدعني وجعلني أمرض»، لكن الخدعة بداخلك وأنت الذي أطلقت مسمى الخداع على تصرفات محددة، وتأثرت من تصرفات شخص ما، بينما يراها هو بريئة تماما، فكل شيء موجود بداخلك أولا ولا شيء في الخارج إلا مساوٍ للداخل، وقد يقودك ذلك لتتساءل بحيرة كسؤال البيضة والدجاجة؟ فهل الداخل يكوِن الخارج أم الخارج يصنع الداخل؟، وتبقى الإجابة مفتوحة حسب قناعاتك.