DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

بالقدر خيره وشره

بالقدر خيره وشره
في كل الأزمنة يناقش وبحماس السؤال عما إذا كان الإنسان مسيّرًا أم مخيّرًا، ولا يلاحظ السائل أن صيغة التساؤل مطروحة بشكل خاطئ، فالإنسان لا يدنو من شمولية الحقيقة إلا حين يتخلص من «إما، أو» ويتبنى المعرفة القائلة إن الإنسان مسيّر كليًا ومخيّر كليًا على السواء، وإنه لا بد أن يُؤمِن بالقدر خيره وشره.
فقانون القطبية ينص على أن كل ما يوجد له مشروعية الوجود، وهذا الكون المبدع الذي أوجده المصمم العظيم، الذي يؤكد في كتابه الكريم «إنا كل شيء خلقناه بقدر»، لا يوجد فيه شيء لا ينبغي أن يوجد في الواقع، إلا أن البشر معتادون على تقسيم العالم إلى أشياء يحق لها أن توجد وأشياء لا ينبغي لها ذلك، وهذا يتعارض مع فيزياء الواقع، فكل ما تشكل ماديًا وتمظهر له مغزاه ودوره في الوجود، وإلا لما أمكن أن ينشأ أصلًا، ومن لا يرد قبول تلك الحقيقة يجب عليه الانضمام لمدرسة «المصادفة» في تفسير الوجود.
عندما يعارض المرء شيئًا فهذا يعني في الوقت ذاته أنه مع نقيضه، فالمرء مع السلام وضد الحرب، ومع الصحة ضد المرض، ويغفل حينها عن أن كل هذه المفاهيم هي أزواج تشكل وحدة لا تتجزأ. ولا يمكن للإنسان تمزيقها، فإذا رفضت أن أعطي زفيرًا فلا يمكنني أن أسحب شهيقًا، وإذا أزلت القطب السالب للتيار الكهربائي زال القطب الموجب أيضًا، وإذا تعلم الفرد القاعدة الأهم والتي تقول إن كل ما هو كائن جيد لأنه كائن، وإن الخالق الحكيم لا يخلق عبثًا، ستحل في نفسه المزيد من السكينة والسلام، وستنكشف له حِكَم ما وراء الأحداث، وسيتخلص من تلك الأفكار التي تدفعه للمقاومة، والتي لا تغيّر شيئًا من الوقائع، بل تُعكّر مزاجنا فقط؛ لأن كل ضغط ضد الواقع يولّد ضغطًا معاكسًا، وهو المتسبب الأكبر في معاناة البشر، والناشئ عن المقاومة الممارسة ضد الأحداث اللا مرغوبة.
كل الأشياء في ذاتها حيادية وخالية من القيمة، وموقف الإنسان هو ما يجعل منها أضدادًا من الهناء والشقاء، فالعزلة ليست جيدة ولا سيئة، وليست لطيفة ولا مزعجة، أحدهم يعيشها عذابًا، والآخر كشرط مرغوب للتأمل والاسترخاء، والتسوق وامتلاك الأشياء يمثل لإحداهن قمة المتع، وللأخرى عبئا ثقيلا على الروح، فليست الظروف ذاتها ما يمس وجداننا إنما مواقفنا منها، وكلما خففنا المقاومة وتصالحنا مع مفهوم القطبية، وتأملنا في تداعيات الآية الكريمة «وخلقناكم أزواجًا»، انعكس ذلك على هدوء مشاعرنا وصفاء لحظاتنا.