عندما يعارض المرء شيئًا فهذا يعني في الوقت ذاته أنه مع نقيضه، فالمرء مع السلام وضد الحرب، ومع الصحة ضد المرض، ويغفل حينها عن أن كل هذه المفاهيم هي أزواج تشكل وحدة لا تتجزأ. ولا يمكن للإنسان تمزيقها، فإذا رفضت أن أعطي زفيرًا فلا يمكنني أن أسحب شهيقًا، وإذا أزلت القطب السالب للتيار الكهربائي زال القطب الموجب أيضًا، وإذا تعلم الفرد القاعدة الأهم والتي تقول إن كل ما هو كائن جيد لأنه كائن، وإن الخالق الحكيم لا يخلق عبثًا، ستحل في نفسه المزيد من السكينة والسلام، وستنكشف له حِكَم ما وراء الأحداث، وسيتخلص من تلك الأفكار التي تدفعه للمقاومة، والتي لا تغيّر شيئًا من الوقائع، بل تُعكّر مزاجنا فقط؛ لأن كل ضغط ضد الواقع يولّد ضغطًا معاكسًا، وهو المتسبب الأكبر في معاناة البشر، والناشئ عن المقاومة الممارسة ضد الأحداث اللا مرغوبة.
كل الأشياء في ذاتها حيادية وخالية من القيمة، وموقف الإنسان هو ما يجعل منها أضدادًا من الهناء والشقاء، فالعزلة ليست جيدة ولا سيئة، وليست لطيفة ولا مزعجة، أحدهم يعيشها عذابًا، والآخر كشرط مرغوب للتأمل والاسترخاء، والتسوق وامتلاك الأشياء يمثل لإحداهن قمة المتع، وللأخرى عبئا ثقيلا على الروح، فليست الظروف ذاتها ما يمس وجداننا إنما مواقفنا منها، وكلما خففنا المقاومة وتصالحنا مع مفهوم القطبية، وتأملنا في تداعيات الآية الكريمة «وخلقناكم أزواجًا»، انعكس ذلك على هدوء مشاعرنا وصفاء لحظاتنا.