عبدالعزيز اليوسف

مسافة صوت.. !!

أحيانا تصعب بعض الخيارات أمامنا وتضعف قدرتنا على الاختيار والقرار.. بين أطراف يجمعها التفرق ويفرقها الاجتماع تجد نفسك نقطة ضوء بين الشمس والظل فحتما تكون في أحرج حالاتك..أحيانا تقهرك بعض الخيارات بأطرافها.. وتهزمك بعض الأطراف بخياراتها فتضحى كزمن ضاع بين الساعات، ووقت تاه بين التواريخ.. أو تكون كلغة بلا كلمات نطقت.. أحيانا يكون ما يروي عطشك من الماء سببا في غرقك..بعض المشاعر تعبث بداخلنا فنفقد توازننا في لحظات نعتقد أننا ثابتون.. ونثبت في وقفات نظن أننا حينها مهزوزون ذلك جزء من الإحساس بالتلاشي وأجزاء من تلاشي الإحساس.. كم هو مؤلم أن تحتضر عاطفتك في وقت نشاطها.. وأن تنشط في وقت احتضارها.. وكم هو مزعج أن تتألم وأنت تتأمل.. وتتأمل وأنت تتألم..ما أثقل هذا التفكير الذي يضعنا في خفة أنفسنا.. وما أخف ذلك الهاجس الذي يعتصرنا في ثقل ذواتنا.. لم أظن أن الحب يقسمنا إلى اثنين، كلاهما ملتصق.. ولم ازعم أن قلبي يستطيع المسير في محطات التوقف.. أو يتوقف في دروب المسير.. كل شيء يأتي بأشياء ويرحل بأشياء.. المهم بماذا سيأتي وبماذا سيرحل!!؟نعم قبل أن تختار لابد أن تحتار.. ولكن أن تحتار بعد الاختيار فذاك يتعبنا.. وأن تبكي لابد أن تقرر.. وقد تقرر ثم تبكي فتشعر حينها أنك محبوس في زجاجة ويد الحزن تمسح ظاهرك.. وتحس أحيانا أنك طليق في قيود.. ومقيد في حرية..نعم فالانتقاء بين الخيارات فكرة غبية في عقل ذكي.. أو عقل مغفل بفكرة مضيئة.. هي حقيقة غائبة قد تحضر.. وخيال حاضر قد يغيب.. بين تلك الأطراف وثقل الخيارات تكون المسافة بين أصواتنا وأحاسيسنا بعيدة جدا.. وتمسي نبضاتنا قريبة من الخذلان.. ويضحى السكوت حاكما لأفواهنا.. وتصبح الدموع تاريخا في ذاكرة شيخوختنا..أحيانا تتبدل تضاريس ذهننا وجغرافية فكرنا وتقفر الظنون بثقل الآهات.. فلا يساعدك السراب على المرور.. ولا تعينك النوايا الطيبة على الاحتمال.. هي لحظات فيها ما يشبه الاغتيال.. وهو أنين فيه ما يشبه الصمم..الغريب أن تملك خيارات لغيرك ولا تملكها لك.. أو يمتلك غيرك خيارات لك.. أو أن تكون خيارا لأحدهم.. وهم لا يكونون خيارا لك.. وأحيانا تشعر كأنك ذلك النوم الذي يعبث باليقظة.. يقظة تمنعك من نوم.. اعلم انه "توهان" أو واقع ينتصف في الطريق بين الذهاب والإياب فلا اتجاه له.. ولا اتجاه لنا..خيارات تقفز أمامك بلا حراك.. تعصرك كمنديل غرق في عام أصابه السعال.. تتردد والريح داخلك تعصف بهواجسك.. وتقرر فتجد السكون يرمّدك.. "أف" من لغة إنكار الجميل.. تريد أن تخفض جناح الذل فتسقط كل أجنحتك أساسا.. وتتشرد كل أمسياتك في زمن الشتات.. تريد أن تتعافى فتظهر أنك قوي فتتهاوى كل طاقتك أمام تلك الخيارات.. مع أن قصة الأمومة غايتك.. وحكاية العدل وسيلتك.. إلا أن الساحة لا تتسع لمبارزةٍ بين قلبك وعقلك.. لأن النتيجة واحدة هي الخسارة..لا تتعودوا أن تكونوا خيارات بين طرفين، أو أن تكونوا أطرافا في خيارات.. ولا تجعلوا قلوبكم بين حالتين من الحب فالقلوب لا تقسم إلى نصفين..* مستشار ومدرب إعلامي