سكينة المشيخص

بيروقراطية تحرق مستقبل المبتعثين

لا يبدو مناسبا أن يتعرض طلابنا المبتعثون لانكشافات مالية بسبب التقصير في توفير مكافآت أو إعانات تعيق مسيرتهم الدراسية، أو تدخلهم في دوامة من الصراع في الغربة تستنزف فكرهم وجهدهم وتعرضهم لضغوط في أدائهم الأكاديمي وحصادهم العلمي، ذلك أقرب لوضعهم في منتصف الطريق، فلا هم يتمكنون من العودة لبلدهم، ولا هم يستطيعون إكمال دراساتهم.تواصل معي عدد من الطلاب الدارسين في عدة دول للدراسة بغرض الالتحاق بالبعثة بعد أربعة أشهر، وفقا لما صرحت به الوزارة إعلاميا وأخبرتهم بذلك، غير أنه بعد القرارات الوزارية وقرار دمج التعليمين العام والعالي، تعلقت ملفاتهم ولم تتحرك منذ شهر كامل، ويبدو أن تبعات الدمج طالت هؤلاء الطلاب ببيروقراطية تصيبهم، فهم منذ حوالي الشهر يراسلون الوزارة بكل الطرق الممكنة ولكن دون أيّ تجاوب مع قضيتهم.وما يبعث على القلق على مستقبل هؤلاء المبتعثين وغيرهم ممن ينتظرون الدمج الابتعاثي، أن من بينهم كثيرين أكملوا الآن سنة دراسية ولم ينضموا لبرنامج الابتعاث حتى الآن، ولا بد أن نستشعر القلق المزعج حين ننظر للصورة الكلية لأوضاع هؤلاء الطلاب، ونجد أن التكاليف الدراسية فقط باهظة للغاية، فضلا عن أن الحياة في دول الابتعاث لها ثمن مكلف أيضا، الى الحد الذي اضطر بعضهم للعمل في «الويكند» لكي يستطيعوا توفير مصاريفهم.ذلك الحال يضعنا أمام معادلة قاسية لا ذنب لأولئك الطلاب فيها، وفيها أن الكثير منهم لم يعد يحتمل فقرروا الانسحاب وتوديع طموحاتهم والاكتفاء بالتقاط الصور التذكارية في بلاد الغربة، وبعد ذلك هناك أيضا من يجدون صعوبة في الانهيار وإيقاف قطار طموحهم أمام البيروقراطية التي تعصف بمستقبلهم أو بالأحرى مستقبل الوطن، ولا يرغبون بالفشل بعد الخسائر التي تعرضوا لها، وليس لديهم استعداد للسماح لأي عائق يحد من تحقيق أهدافهم الدراسية.لقد مر وقت كاف لترتيب عمل الوزارة بعد الدمج، ولذلك فإن هذه القضية أمام وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل للنظر فيها وتقديمها ضمن الأولويات التي لا يمكن أن تنتظر فيما يحترق مستقبل هؤلاء الطلاب ويتسلل اليهم اليأس فيبدأون التسرب والتوقف عن الدراسة، وحمل أثقال مادية ونفسية فيما يمكن إيجاد حل ولو بصورة مؤقتة حتى ترتب الوزارة أوراقها وتنصفهم قبل فوات الأوان لأنهم في حالة يرثى لها ومعرضون لمزيد من الانهيارات العلمية والنفسية، وفي الواقع لا يستحقون مثل هذا التجاهل الذي يمكن التعامل معه بصورة طارئة تصحح المسار وتضبط أمورهم.