شلاش الضبعان

دوائر حكومية بلا زوايا

"لماذا تسمى الدوائر الحكومية "دوائر" وليست مربعات أو مثلثات؟ لأنها تجعلك تدور وتدور وتدور وبالنهاية راجعنا بكرة!!"هذه الطرفة تصف صورة ذهنية راسخة عن إداراتنا الحكومية، حتى وصلت الحال إلى أننا نستغرب عندما تنجز معاملاتنا بأقل وقت وبلا واسطة، وما أكثر ما قيل للموظف المنجز: "بس كذا؟!!"فمراجعة إدارة من إداراتنا الحكومية أزمة حقيقية! قبل وأثناء وبعد! فبالبداية أنت محتاج إلى أن تتصل على من عرفت ومن لم تعرف ممن يعرف أحداً في الجهة التي ستراجعها، ليعرّف بقدومك وما تحمله من مواصفات تستحق أن يطمع فيها!وأثناء المراجعة أنت محتاج إلى ضبط النفس والتحلي بالأخلاق الكريمة؛ لكي لا تنبس بكلمة يُفهم منها أن لديك الجرأة على النقد، وبالتالي تعتبر وقعت فيما يستحق التأديب بتأخير معاملتك حتى "يطيح الحب اللي في رأسك"! وبعد انتهاء المعاملة مطلوب منك دفع ضريبة الإنجاز برد المعروف لكل من سعى حتى ولو لم يكلم إلا نفسه!ومن وجهة نظري، أن المسؤول عن هذه المعاناة والصورة السلبية ذات الآثار الخطيرة، أربع جهات:الأولى وهي مربط الفرس: الموظف الذي يتجرد من الحياء والخوف من الله، فيرفع شعار "النافع منفوع" ولا يتحرك إلا حسب المصلحة والتي ليس شرطاً أن تكون رشوة مادية، بل رشوة خدمة مقابل خدمة، فلا يخدم إلا من يعرف أو جاء من طرف فلان!والثانية: المدير الجبان الذي يمارس نفس ممارسات موظفه أو يغض الطرف عنه ولا يحاسبه على ما يقوم به؛ لكي لا يفتح على نفسه بوابة من المشاكل!والثالثة: الجهات الرقابية ذات البوصلة الضائعة، التي لا تركز إلا على وقت الحضور والانصراف ولا تهتم بما يمارس بينهما!من بقي؟!بقي أنت عزيزي المواطن! فبرضاك وصمتك عن الخطأ ستدور -ويدور معك الوطن- في هذه الدوائر حتى تصل إلى حالة يرثى لها! قد يقول بعض المغرقين في الواقعية: أنت تنفخ في قربة مشقوقة!وأقول: قد يكون! ولكن الجهد الذي يقوم به بعض الوزراء والإبداع الذي يمارسه بعض الموظفين الحكوميين، والأثر الذي يتفضل به علينا بعض المواطنين الوطنيين الذين لا يرضون بالصمت، يبين أننا نستطيع أن نغير هذه الصورة إذا ملكنا الإخلاص والوطنية الصادقة، وقبل ذلك الخوف من الله!