عبدالله الشمري

ملك جديد وتحديات جديدة

ومنذ أن تمت مبايعة الملك عبدالله ولياً للعهد في 21 شعبان 1402هـ وحتى توليته الملك في 26 جمادي الثانية 1426هـ، ساهم شخصياً في نجاح السياسة الخارجية في مواجهة الكثير من التحديات الكبيرة، واستثمار الفرص المتاحة في بيئتها الخارجية، من أجل تعزيز مكانتها، وذلك من خلال سياسة تكيف مستمر في السلوك الخارجي، وقد واجهت الأحداث الجسام السياسة الخارجية السعودية؛ كان أشدها وقعاً أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وما ترتب على ذلك من توتر في العلاقات بين واشنطن والرياض، وظهور دعوات لإعادة النظر في العلاقات الإستراتيجية بين البلدين. كما أن الهجمات انعكست سلباً كذلك على العلاقات السعودية الأمريكية، والتي تعد حجز زاوية في السياسة الخارجية السعودية، كما سبب الغزو الأمريكي للعراق أضرارا كبيرة أثّرت بشكل سلبي على البيئة الإقليمية للسياسة الخارجية للمملكة، وسببت أحداث الثورات العربية وما أنتجته من اضطرابات وفوضى تحمّل المملكة مسئولية تاريخية لإعادة التوازن للمنطقة، ووقف موجة الفوضى والتقسيم التي كانت تستهدف المنطقة العربية.وفجر الجمعة الماضي، خلف خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، أخاه الملك عبد الله- رحمه الله- في حكم المملكة. والسياسة الخارجية أمامها العديد من التحديات المُلحة؛ فالوضع في اليمن يزداد خطورةً عقب استقالة الرئيس والحكومة وسيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء، وهو ما يزيد خطورة الوضع بالنسبة للمملكة وخاصة في ظل وجود الحدود المشتركة والطويلة بين البلدين، كما أن الحوثيين المسيطرين على الوضع الجديد لا يخفون علاقتهم الروحية والسياسية بإيران. وفي الشمال يظل خطر «داعش» واقعاً، وهو يعيث في الأرض فسادًا في العراق، كما أن الوضع في سوريا يمثل أحد المخاطر التي ستواجه السعودية المسئولة عن الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، في مواجهة التهديد الإيراني المتنامي شمالاً وجنوباً.يُنتظر من المملكة أن تتعامل بكل واقعية وبراجماتية مع إيران كجار هام وقوى، وخاصة في اليمن وحصر الخلاف مع إيران، على أنه خلاف سياسي بحت ومنع إيران من تحويل الخلاف لخلاف مذهبي، كما ينتظر من منظومة دول مجلس الخليج إعادة تحديد نقاط الاختلاف والالتقاء مع إيران وتعزيز العلاقات الخليجية مع العراق ودعم استعادة الأمن والسيادة والاستقلال لعراق موحد، وكذلك التحرك سريعا نحو كردستان العراق والتواجد سياسيا واقتصاديا باعتباره أفضل الأقاليم العراقية استقراراً، كما سيظل دعم استقرار مصر السياسي ودعم نمو اقتصادها أحد التحديات أمام المملكة ودول الخليج وخاصة مع انخفاض أسعار النفط.أخيراً... خلال الساعات القادمة سيستقبل الملك الجديد الرئيس الأمريكي أوباما وهو دليل إضافي على أهمية ومحورية السياسة السعودية. * محلل سياسي