د. منيرة المهاشير

ودعناك يا قطعة من وطننا

في عمان الأردن علمت بالخبر وأنا على رأس العمل، لم أر إلا السواد ولم أشعر بغير الحزن، قاومت الدموع بنظارة سوداء لكنها هملت دون شعور بل بالشعور كله، والحب كله، والحزن كله يا قطعة من القلب. في دقائق استحضرت كل الأوامر السامية وكل الكلمات الدافئة وكل التسامح. في دقائق مر بي شريط ذكريات من فضَّل تسمية نفسه بالخادم وهو من سادنا عقلاً وقلباً وتملكنا ولاءً وطاعة. بعد الحادي عشر من سبتمبر عانينا كسعوديين من أحداث الارهاب التي حاصرتنا في وطننا وخارجه، وكنا في أشد الحاجة لرجل يعيد لنا بعضاً من صورتنا الذهنية التي بناها سلفه ​الملك​ فهد بن عبدالعزيز. وطالت قاماتنا بحبيب الشعب عبدالله وبصولاته وجولاته التاريخية الاستراتيجية. ليتحول رمزاً للعلم وليقفز بالسعوديين للمصاف العالمية من خلال أكبر نهضة تعليمية محلية بتدشين المدارس والجامعات وتلبية احتياجات المناطق والمواطنين، وقفزات فكرية بارسال سفراء المعرفة للابتعاث. وفي الفترة نفسها صار نبراساً للانسانية بدعم التوسع في المدن الطبية والمستشفيات. أكتب واستحضر كشريط الفيديو معاناة كل مسلم وغير مسلم هب عبدالله لنجدته، أكتب واستحضر اطعامه للسياميين، أكتب واستحضر نزوله للاسواق ومروره بيننا، أكتب عبدالله رجل الموقف، آسر القلوب، الرجل الحق والمؤمن الحق والوالد الحق للجميع دون استثناء. لم يكن عبدالله (يرحمه الله) ينظر للفوارق الدينية إلا كفوارق تجمع البشر ولا تفرقهم، ليستحيل لمعادلة صعبة ورمزاً لتسامح الأديان، الرمز الحقيقي للدين الوسطي الذي أقر للنساء وللسعوديات ما حجبه الجهل عنهن بالتعليم والتوظيف وبما يعينهن على بناء أمة، بل وجمع الأديان تحت سقف التسامح بانشاء المراكز الاسلامية العالمية للتعريف بروح الاسلام الغائبة ليكون بدعمه ودفعه نشر الدين الحق، وتدشين التوسعة الشريفة، وتمويل مركز الارهاب العالمي ومكافحة التطرف والدعوة لحوار الاديان. بيد عبدالله ومتابعته قفزت النهضة في الشارع السعودي بنية تحتية وشمساً بشرية بنقش وفكر وسقف اصلاحي فاق أسقف توقعاتنا وفضاءات طموحاتنا. سيظل عبدالله الرمز والعلم حاضراً وإن غاب. نعزيكم وأنفسنا بوالدنا ونعزي الوطن بوفاة موسوعة الحب والعطاء الانساني وحامي الاسلام والمسلمين وعلى يقين أن نهج المملكة العربية السعودية هو نهج القرآن والسنة وهو باق لن يتغير. من خلالكم نبتهل لله أن يحفظ للسعوديين والمسلمين دينهم وولي أمرهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ونبايعه على السمع والطاعة خادماً للحرمين وملكاً للمملكة العربية السعودية، ونبايع ولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف على السمع والطاعة رجالاً للملمات وبجهودهم سيكون المقبل مجتمعاً معرفياً لا ينافس العالم بل يبهره.   يا ورد اشوفك بس مالي غرض فيك لا يقبلك خاطر ولا مزهرية