أ. د. عبدالله العبدالقادر

الهيئة الوطنية لمعلوميات المظالم

الحق اسم من أسماء الله الحسنى وهو في اللغة : الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، وهو الحكم المطابق للواقع، يطلق على الأقوال والعقائد والأديان والمذاهب، باعتبار اشتمالها على ذلك، ويقابله الباطل. والحق طريقه الصدق ويقابله الكذب، وقد يفرق بينهما بأن المطابقة تعتبر في الحق من جانب الواقع، وفي الصدق من جانب الحكم، فمعنى صدق الحكم مطابقته للواقع، والمولى - عز وجل - يقول وقوله الحق: "ويعلمون أن الله هو الحق المبين" 25 (سورة النور ) فهو الموجود - سبحانه وتعالى - باليقين الثابت، والله - سبحانه - هو الحق، ومنه الحق، وإليه يرجع كل حق، وصفات الله - سبحانه وتعالى - حق، والعدل حق.. ويقول تعالى : «ويحق الله الحق بكلماته» .. "82" (سورة يونس).قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أصدق كلمة قالها شاعر لبيد "ألا كل شيء ما خلا الله باطل" واللجج السائد على مر التاريخ الذي يزداد حدة في أيامنا هذه ينادي كل فريق فيه بأنه صاحب حق والحق كما أراده الله - عز وجل - أبلج لا تخطئه القلوب ولا يزول بتقادم آلة الزمن، والمراجع لتنظيمات الدولة - أعزها الله - على مر العقود الثمانية الماضية يدرك بما لا يدع مجالا لمشكك حرص صانع القرار السعودي منذ زمن على نقاء التعامل المالي في الدولة الذي كان لغزا لم يلبث البعض أن حاول خلخلة ثناياه وزلزلة أركانه حتى تمكنوا من إيجاد منافذ يتسللون من خلالها للمال العام الذي قدره الله - عز وجل - على يد ولي الأمر. ومع تراكم الأفكار (الشيطانية) أصبحت تلك المنافذ أكبر فأكبر حتى غدت شوارع معبدة متاحة لكل من ران على قلبه أن يمضي فيها ممن ولي أمرا فيه درهم ودينار يتمكن من خلاله أن يضر فيه وينفع. ونظرا لتشعب الأمر ووضوح معالمه فقد أصبح الفساد المالي والإداري حقيقة لا مناص من الاعتراف بها تمهيدا لمكافحتها وهكذا كان حين أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز - سدده الله - في ٢٣/٤/١٤٣٢ للهجرة بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذي جاء في مادته الرابعة في أمر التأسيس شمول مهام الهيئة كافة القطاعات الحكومية، ولا يستثنى من ذلك كائن من كان. وأن تسند إليها مهام متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات الخاصة بالشأن العام، ويدخل في اختصاصها متابعة أوجه الفساد الإداري والمالي، والحديث عن هذه الهيئة ،الفتية ذو شجون ونحن من المؤمنين بأن تدعيم دورها المستمر واجب حتمي إذا أريد لها الحياة ومواجهة القنابل الكامنة التي ستواجهها حتما. وطالما أن الفساد المالي والإداري ضد الحق الذي ألزمه ولي الأمر بأمر الله فإن الناتج الطبيعي هو مجموعة ضخمة من المظالم التي تراكمت وتتجدد وصار يئن لها الوطن وأهله.والمليك - يحفظه الله - وجنوده قد أوكلوا بأمر العباد في هذه الدنيا وما عدا ذلك ، فيوم تبلى السرائر ، وتباعد زمن حدوث المظالم كما يفهمه العقلاء هو تفاقم لا تقادم.فالمظلمة لا تجر إلا أختها ودائرة الظلم المالي والإداري والتجبر على عباد الله نقمة أبتلي بها هذا الظالم أو ذاك جرّتْ معها مظالم اجتماعية ونفسية وحالة من المحق وحبس المطر وجدب الأرض والمرض وهذا كله كي يستغني جزء من المائة من الأمة السعودية غنى عابرا ممحوقاً مقابل تنكيل خطط الخلافة في الأرض. وهذه المظالم وليدة الفساد يغفل عن رؤيتها والحديث عنها معظم المثقفين في الساحة السعودية الرحبة رغم كون نيرانها تحرق القلوب وتمحق الأمصار وهي لا تخلق بمرور الزمن، بل إن أهميتها تزداد بتقادمها، إذ هي مسبار حاذق ورائع لتتبع الفساد في بلادنا الحبيبة، وعليه فإننا نقدم بين يدي صناع القرار مقترح إنشاء هيئة للمظالم تسمى (الهيئة الوطنية لمعلوميات المظالم) يكون صلب عملها معلوماتي الطابع تعمل في تناغم وتفاعل مستمرين مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. وتكون ذراعا لها تقدم بطرق احترافية فلترة لمؤشرات الفساد في المملكة من واقع المظالم الواقعة على المواطنين ورجال الأعمال ووزارات الدولة المختلفة التي أوجدت لبناء الوطن وهو دور لم ولن تستطيع تغطيته الهيئة الحالية كونه ليس في صلب مهامها الضخمة في الأصل، وأنا أجزم هنا ببركة الكيان الجديد المقترح وأنه سيكشف ما لم يكن في الحسبان. فالمظالم مراجيع وشم في نواشر معصم الوطن لا بأس أن تكون الداء الكاشف للدواء وقد حق لنا جميعا أن نتصارخ لزوال لها عسى أن يكون قريبا.* عضو المجلس العلمي الاستشاري لمعهد رياضيات القلب (كالفورنيا - الولايات المتحدة الأمريكية)استشاري أول تشوهات القلب الخلقية واضطرابات النبض