د. سعود العماري

الاستثمارات الأجنبية في المملكة (2)

تحدثنا في المقال السابق عن الاستثمارات الأجنبية في المملكة، وكيفية تطورها ودورها البارز في تنمية وازدهار النهضة الاقتصادية، وتعرفنا على بعض الإجراءات التي اتخذتها حكومة المملكة لتنظيم حركة الاستثمارات وفقاً لما يخدم مصالحها ويتماشى مع الأوضاع السيادية للمملكة، واليوم نواصل الحديث عن الإجراءات التي يتم اتباعها عند البدء في إنشاء المشاريع الاستثمارية، وذلك وفقاً لنظام الاستثمار الأجنبي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 5/1/1421هـ ولائحته التنفيذية.وبداية فقد اشترطت المادة الثانية ضرورة صدور ترخيص من الهيئة العامة للاستثمار عند استثمار رأس المال الأجنبي في أي نشاط استثماري في المملكة من غير الأنشطة المستثناة، سواء أكان بصفة دائمة أم بصفة مؤقتة، وتبدأ الإجراءات بتقديم طلب الاستثمار بعد استيفاء كافة الشروط والمستندات اللازمة، وتقدم طلبات التراخيص للاستثمار الأجنبي إلكترونياً -وفقاً للمادة السابعة من اللائحة التنفيذية- عن طريق موقع الهيئة الرسمي مع استيفاء المستندات الواردة في نفس المادة ويتم إشعار طالب الترخيص أو من يمثله نظاماً باستلام طلبه متضمناً رقم قيده وتاريخه. ولا يسلم الترخيص إلا بعد حصول الهيئة على أصل المستندات المطلوبة لمطابقتها في الحالات التي تستلزمها الهيئة. وجدير بالذكر أن لدى الهيئة العامة للاستثمار مركز الخدمة الشاملة وهي خدمة فريدة من نوعها تضم جميع الجهات الحكومية في مكان واحد (one stop shop) لتسهيل الإجراءات عليهم، حيث تضم ممثلين متفرغين من جميع الدوائر الحكومية ذات العلاقة بالاستثمار كوزارات الداخلية (المديرية العامة للجوازات، الإدارة العامة لشئون الاستقدام) والخارجية، والتجارة والصناعة، والعمل، والتأمينات الاجتماعية، والعدل، والزكاة والدخل، والصحة، والغرفة التجارية. ويتعين على الهيئة أن تفصل وتبت في الطلب المقدم إليها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء المستندات المطلوبة في اللائحة، وفي حالة مضي المدة دون أن تبت الهيئة في الطلب وجب عليها إصدار الترخيص للمستثمر، ويصدر قرار الترخيص بتوقيع المحافظ أو من يفوضه خلال هذه المدة، مع العلم بأن أيام عطلات الأعياد الرسمية لا تحتسب ضمن المدة المذكورة.أما في حالة رفض الهيئة للطلب المقدم إليها خلال المدة المحددة فيجب أن يكون قرارها مسبباً، ويفهم من هذا أن الهيئة إذا رفضت الطلب المقدم إليها رغم استيفائه كل البيانات والإجراءات المطلوبة، فإنها تكون ملزمة بإبداء الأسباب التي دفعتها لرفض الطلب المقدم إليها، ويجوز لمن صدر بحقه قرار الرفض أن يتظلم منه لدى ديوان المظالم خلال ستين يوماً من تاريخ العلم بالقرار.ورغبة في تهيئة المناخ الاستثماري وجعله أكثر ملاءمة لجذب المستثمرين فقد أطلقت الهيئة العامة للاستثمار مؤخراً خدمة المسار السريع للإجراءات يضمن الرد على المستثمرين المتقدمين بطلباتهم خلال خمسة أيام، ويتطلب إجراءات ورقية محددة، وفقاً لما بينته الهيئة إعلامياً وعلى موقعها الرسمي. وقد أوردت المادة السادسة من اللائحة التنفيذية مجموعة من الشروط والضوابط لمنح الترخيص للاستثمار الأجنبي وهي: (1) ألا يكون النشاط الاستثماري المطلوب الترخيص له ضمن قائمة الأنشطة المستثناة من الاستثمار الأجنبي. (2) أن تكون المواصفات الفنية للمنتج وأسلوب إنتاجه مطابقة للمواصفات السعودية أو الخليجية أو الدولية. (3) ألا يكون طالب الترخيص قد صدرت ضده أحكام أو قرارات نهائية بسبب مخالفات جوهرية لأحكام هذا النظام.(4) ألا يكون طالب الترخيص قد صدرت ضده أحكام سابقة بما في ذلك الأحكام في المخالفات المالية أو التجارية، داخل المملكة أو خارجها.(5) أن يلتزم طالب الترخيص بالشروط والضوابط والإقرارات والتعهدات الملحقة بنموذج طلب الترخيص الاستثماري. (6) أن يحقق منح الترخيص أهداف الاستثمار وأغراض الهيئة. وتطبق هذه الشروط والضوابط على طلبات تجديد الترخيص. وتأخذ الاستثمارات الأجنبية التي يرخص لها طبقاً لأحكام هذا النظام ولائحته التنفيذية صورة من اثنتين، فإما أن تكون المنشآت مملوكة لمستثمر وطني ومستثمر أجنبي، وإما أن تكون المنشآت مملوكة بالكامل وبصورة منفردة لمستثمر أجنبي، حيث تعتبر المملكة هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تسمح بالملكية الأجنبية بنسبة %100.كما أجازت المادة الرابعة للمستثمر الحق في الحصول على أكثر من ترخيص لمزاولة العديد من الأنشطة التجارية، وذلك بضوابط معينة نصت عليها اللائحة التنفيذية، وهي ذات الشروط التي أشرنا إليها أعلاه لمنح الترخيص، مع ضرورة عدم وجود مخالفات أو ملاحظات على المشروع القائم. ويجب على المنشآت المرخص لها الالتزام بكافة الشروط والمعايير الأساسية الصادر بها الترخيص، ولا يجوز إدخال تعديلات عليها إلا بموافقة الهيئة. وسوف نكمل الحديث بإذن الله تعالى في المقال القادم عن الضمانات والحوافز التي تتمتع بها الأنشطة والمشاريع الاستثمارية، فضلا عن الجوانب النظامية الأخرى التي نص عليها النظام ولائحته.