د. سمير الضامر

«قناة العرب» تعزز كيان البحرين العظيم

بعد الظروف «الطائفية»، والتجاذبات "السياسية" التي أرهقت كاهل البحرين الجميلة، وبعد نجاح مسيرة الانتخابات الأخيرة، كان لابد لهذا البلد أن يعود من جديد لسابق حيويته ونشاطه، ومن المفترض أن تعود البحرين قويةً مساهمة في كافة المجالات التنموية على المستوى الإقليمي والعالمي.كنت ولا أزال أشيد بالصفحة التي تخصصها جريدة اليوم عن البحرين وتحمل أهم وأبرز المتابعات والإنجازات الثقافية والتنموية فيها، وهي دلالة رمزية لعمق التلاحم مع البحرين في كافة المجالات، وهذه الأخوة لسنا بحاجة لنعرف أنها متأصلة منذ عشرات السنين، بل لها جذورها التاريخية والإنسانية القديمة، فالبحرين منا ونحن منها.ومن اللافت للنظر-أيضا- التفاتة صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود لتعزيز الثقة بالبحرين؛ قيادةً وشعباً واستثماراً، بأن جعل مقر قناته الجديدة "قناة العرب" لتنطلق من البحرين، وهذه التفاتة مهمة ودعم كبير، وستحقق نجاحات مختلفة، وستفتح السوق الإعلامي في الخليج نحو الانفتاح والتعددية، وتحريك مياه الوظائف وكوادر الموارد البشرية، وكون قناة العرب ستنطلق من البحرين بعمقها الاستراتيجي والاقتصادي والاجتماعي، فهذا مايعزز من توسيع مساحة السوق الإعلامية التي برزت في العقد الأخير في دبي والدوحة؛ دبي من خلال المدينة الإعلامية الضخمة، ومدينة المعرفة والإنترنت، والدوحة من خلال شبكة قنوات الجزيرة السياسية والوثائقية والأطفال ومراكز التدريب الإعلامية. والبحرين لن تقل أهمية بجذب هذه المبادرات الإعلامية والاستثمارية ليعود نفعها ليس على البحرين وحدها، بل على مختلف الخليجيين والعرب.الذين يعرفون البحرين جيداً يدركون مدى مرونتها في تشجيع الاستثمارات العالمية المختلفة، بدليل وجود العديد من البنوك والشركات العالمية في البحرين منذ عقود طويلة، وهي في حالة أمان واستقرار من النواحي القانونية والاستثمارية المختلفة.في البحرين كوادر بشرية جميلة من الشباب والشابات، وعلى مدى سنوات من معرفتي بزملاء من المثقفين والصحفيين والأكاديميين، فأقول بثقة عن مدى قدرتهم على المساهمة والمشاركة في أي مشروع تنموي وخاصة في الدراما والإعلام، ولكنهم يحتاجون لكثير من الدعم بوجود شركات إعلامية كبيرة تستنفد كل تلك الطاقات وتوظفها في مسارها الحقيقي، المبدعون البحرينيون مختلفون عن غيرهم وخاصة في: أصالتهم الإبداعية، انفتاحهم الفكري، حرفيتهم واتقانهم في جودة ما ينتجون وما يعملون فيه من مختلف جوانب الإعلام والثقافة. ومع عدم وجود مؤسسة إعلامية كبرى فقد انهزم المبدع البحريني أو بعض أسماء منهم ليدخلوا في منظومات أيديولوجية وسياسية مختلفة، وهذا نتيجة احباط متراكم لسنين طويلة من قلة الفرص، وعدم فتح مجالات الاحتواء الوظيفي للمبدع المتميز.وأتمنى أن تكون انطلاقة "قناة العرب" في البحرين فيها نجاح للقناة بذاتها- لتقدم المفيد والمختلف مما يحتاج إليه المتابع العربي-، ونجاح لتكون باعثاً جديداً للمبدعين البحرينيين والخليجيين، وإعطائهم الفرص الكبيرة في تحقيق صناعة إعلامية مميزة، تسهم في تحقيق ذواتهم ومشاريعهم، وإكسابهم الثقة الحقيقية بقدرتهم على النجاح والتميز، وحسبي أن الأمير الوليد، وكافة أعضاء مجلس إدارة القناة على وعي كبير بهذا الأمر، ولن يتوانوا عن تقديم المميز فنياً وبشرياً.* باحث في الدراسات الثقافية