عبد اللطيف الملحم

من ضيع كأس بطولة الخليج؟

قد لا يعلم الكثير أو لم ينتبه الكثير الى أن جريدة اليوم بقسمها الرياضي كانت قد وضعت إصبعها على أهم نقطة لتطور الرياضة في المملكة وذلك منذ أكثر من أربعين عاما عندما كنا نقرأ المساجلات وخاصة ما كان يكتبه الأستاذ صالح السيف رحمه الله وما يكتبه الأستاذ صديق جمال الليل حول أهمية ربط البيئة المحيطة بالمجتمع مع الحركة الرياضية. وقد كنا نقرأ تلك المساجلات خاصة بعد اي مبارة لنادي هجر بالاحساء ضد اي ناد بالمنطقة الشرقية. وقد كنا نقرأ ما كان يتم كتابته رغم صغر سننا ولكن كانت الصورة واضحة للحركة الرياضية وربط ما يحدث على ملاعب الأندية السعودية وما كنا نراه في ملاعب المدارس. فمثلا كانت الأنشطة الرياضية والثقافية في المدارس فيها منافسات وحماس يزيد عن ما نراه في الأندية. فمثلا عندما يلعب فريق معهد إعداد المعلمين ضد فريق الثانوية فتجد الجمهور بالآلاف. وهذا ليس محصورا على لعبة كرة القدم فقط, بل كان في كل مدرسة متوسطة وثانوية فريق كرة قدم وسلة ويد وجمباز وفريق من الكشافة. ورغم قلة الإمكانيات المادية في ذلك الوقت, إلا أن الفرق واللاعبين كانوا يتصرفون بعفوية وبجدية. ومن الناحية الثقافية في المدارس فقد كان في كل مدرسة مكتبة صغيرة ومسرح. ولعلم القارئ فعندما زار الأمير فيصل بن فهد رحمه الله الأحساء في بداية السبعينيات ألقى كلمته التوجيهية والتي حدد من خلالها السياسة الجديدة لرعاية الشباب من على مسرح مدرسة الهفوف الابتدائية الثالثة بحي (الكوت) والتي هي من تصميم شركة ارامكو. وبمعنى آخر هو أن الرياضة ليست في المستطيل الأخضر, بل إنها الآن أصبحت علما وثقافة وسياسة واقتصادا. وقد رأى العالم كله بوضوح عندما قرر اللاعب الأسطورة (بيليه) الاعتزال. فقد كان من قام بإقناعه باللعب في فرق الولايات المتحدة الأمريكية هو وزير الخارجية الأمريكي الدكتور (هنري كسينجر). ولعلم القارئ أيضا فميزانية ونفوذ (الفيفا) تنافس في الوقت الحالي ميزانية ونفوذ الأمم المتحدة. ولكن هذا ما لم نتعلمه في بيئتنا الرياضية.وفي الوقت الحالي وبعد الخسائر المتتالية لمنتخبنا وأنديتنا وعلى أراضي ملاعبنا, فلا بد من تغيير نمط الحركة الرياضية. ورغم قرار الدولة لإرجاع الحركة الرياضية المدرسية والذي صدر قبل عدة اسابيع, فيجب علينا ان لا نفتح المجال لمن همه طلب الشهرة أو أصحاب الشهادات المشكوك في صحتها. فأهمية الرياضة في المملكة العربية السعودية تختلف عن بقية دول العالم لسبب بسيط وهو ان أغلبية سكان المملكة أعمارهم صغيرة ومن فئة الشباب والرياضة تمثل جزءا كبيرا من شغفهم وهمهم اليومي. ومن الضروري سن قوانين تهم اللاعبين وأهمها تعليمهم معنى الحس الوطني ومعنى أن تكون محترفا وإبعاد كل لاعب يصيبه الغرور مهما كانت مهارته في المستطيل الأخضر. وكذلك ضرورة الشفافية فيما يتم إنفاقه من المال وما يعادله من إنجازات. فالسوق الرياضية والمجال الرياضي ليس مكانا لمن لا صنعة له وليست للكتاب الرياضيين المتطفلين. وفي دورة الخليج المنتهية بفوز مستحق للمنتخب القطري فإن المدرب أو اللاعبين ليسوا سبب الخسارة. ولكن سببها هو سنين من اعتبار الرياضة شيئا غير مهم ونشاطا جانبيا, بينما في الدول الأخرى يعتبر طريقا للتقدم والتطور في كل شأن له علاقة بالشباب.. ألم نقل العقل السليم في الجسم السليم.