عبدالله الوصالي

.. وسؤال محيّر

ما الطريقة الأمثل في نظرك لتحسين صورة القادمين من الشرق الأوسط في أذهان الشعب الأمريكي؟ هكذا سألني الصحفي الأمريكي الشاب من أصل روسي اندريه سزونوف، الذي يدرس العربية في جامعة ايوا عبر البريد الالكتروني بعدما تلاقينا مؤخرا في برنامج الكتابة العالمي. كنت قد لمست خلال زيارتي نوعا من الحذر والشك والتخوف في أوساط الشباب الأمريكي من القادمين من الشرق الأوسط. هناك خلف ابتسامات الذوق الراقي نوع من التنميط للشخصية الشرق أوسطية وقد تجد بشكل عام من يصم العرب بأنهم إرهابيون.من هنا جاء سؤال الصحفي اندريه، ولا شك أن الإجابة ليست بتلك السهولة.ما شد انتباهي أثناء تواجدي في ولاية ايوا أيضاً أن الصينيين واليابانيين والهنود، ونحن جغرافياً أقرب منهم إلى الغرب، لا يواجهون من قبل الشعب الأمريكي بالنفور والحذر مما أكد لي ان المسألة لا تكمن في اختلاف الثقافات كما اعتاد المحللون على القول.ما اعتقده أن للتاريخ القريب والأحداث المستمرة في الشرق الأوسط، دورا كبيرا في تشكيل صورة العربي بالأخص والشرق أوسطي بشكل عام في ذهن الأجيال الجديدة في أمريكا.أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م كانت عبارة عن اكبر دعاية سلبية للعالم الإسلامي والعربي بشكل اخص، ولأن من قام بها كانوا قد تسللوا إلى أمريكا بدعوى الدراسة الجامعية فإن مدينة مثل ايوا التي يسكنها الصحافي الذي سألني السؤال وهي تعتمد بشكل كبير على جامعة ايوا الشهيرة، تشعر بعدم الثقة والحذر من الطلبة القادمين من الشرق الأوسط. من هنا جاء سؤال الصحفي ومن هنا أيضا لامسني ذلك الشعور.كما أن وسائل التواصل الاجتماعي والتطور التقني في وسائل البث والتي أصبحت في متناول الجميع حتى الجماعات الإرهابية، وما يحمله ذلك البث من استهداف حي ونابض للأبرياء ومن ضمنهم الأمريكان يعمل بشكل أساسي في تشويه تلك الصورة وإضفاء المزيد من رتوش التخلف الحضاري والرغبة والعنف إلى داخلها.الإجابة عن سؤال تحسين الصورة تطلب محاولة للغوص داخل تكوينات المجتمعين العربي والأمريكي.المجتمع الأمريكي مجتمع قد تطورت فيه سبل التمثيل المدني والمشاركة الشعبية في القرار السياسي والتشريعي من قبل ممثلين في المجالس النيابية على مستوى الدولة أو بداخل الولايات وغالباً ما تجد اعتراضات شعبية على قرارات البيت السياسي الأول في أمريكا، البيت الأبيض، بالإضافة إلى جمعيات سياسية واجتماعية تقاوم أحيانا السياسة الأمريكية الرسمية لذا تجد من هم أمريكيون يساعدون في إغاثة غزة بينما تمد وزارة الدفاع إسرائيل بكل ما هو شديد الفتك من الأسلحة!المجتمعات العربية لم تتبلور مجتمعاتها المدنية بالشكل المطلوب وما زالت في طفولتها بالنسبة إلى تطوير حياة مدنية بكل أبعادها ولا يزال السياسي الحاكم هو الذي يحدد لها اتجاهاتها. من هنا يصعب جداً أن تعمل هذه المجتمعات على تحسين صورتها لأن قرارها مختطف من قبل إسلاميين متشددين، وسياسيين فاسدين.