سالم اليامي

أرحب يا أمير

زميلي الذي لا اعرفه إلا عبر مقالاته الضافية على صفحات اليوم الغراء، الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ عبد اللطيف الملحم كتب يوم الجمعة الماضي ٢١محرم ١٤٣٦ مقالا ثنائي المشاعر حول القرار الملكي الكريم بتعيين سمو الأمير جلوي بن عبد العزيز بن مساعد أميراً لمنطقة نجران، واقصد هنا بثنائي المشاعر في مقال الزميل انه وفق في توديع سمو الأمير الذي انتهت فترة عمله في المنطقة الشرقية، وفي الجانب الآخر وفق أيضا أن هنأ نجران وأهلها بقدوم أميرهم الجديد. الحقيقة التي لمستها في المقال، أن سمو الأمير جلوي وجد له مقاما يستحقه في قلوب وعقول أبناء المنطقة الشرقية تحقق ذلك الحب المتبادل من خلال الممارسة والمعايشة والعمل اليومي المباشر مع المواطنين وهمومهم، الأمر الذي لا اشك فيه أبدا أن سموه سيجد له مكانا يليق به في أفئدة وضمائر أهالي منطقة نجران، أقول ذلك بهذه الثقة لأنني اعرف عن سموه انه يتمتع بخصال شخصية تؤهله لكل ذلك الحب والتقدير المنتظرين، ولأني بنفس القدر اعرف أن أفئدة الناس في منطقة نجران من النوع المتفاعل بنقاء مع رسائل الحب لهذا الوطن وقيادته ومسؤوليه، وربما من الأفضل ترك كل ذلك للمستقبل ليثبته على أرض الواقع كما نراه من الآن. ما اعتقد انه قد يكون من المفيد في هذا المقام الإشارة إلى نقاط مهمة في عمل المسؤول الإداري الأول في منطقة تكتسب أهميتها من كونها جزءا ومكونا أساسا من كيان كبير له مكانته الإقليمية والدولية، ويتمتع بأبعاد أفقية وراسية على المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية والروحية والأمنية.النقطة الأولى، أن إدارة منطقة لم تعد ذلك العمل المعزول عن مجمل الفعل السياسي والأمني العام الذي تقوم به الدولة تجاه قضايا الإقليم والعالم، الوعي بهذه الجزئية ينسحب على تحصين المنطقة كخط دفاع أول في حماية الوطن من المؤثرات السلبية التي توجه في الغالب من الخارج وبشكل مقصود لإحداث حالات من الخلل في بنية المجتمع والدولة. وهنا يجب الانتباه إلى أن حالات الخلل المتبناة خارجيا، يحدث أن تجد من يتبناها في الساحة الداخلية للمنطقة أولا ثم على مستوى الدولة ومن ثم تبدأ عملية إعادة إنتاج الخلل لتفعيل الآثار السلبية المخطط لها. مفهوم الخلل في جسم منطقة أو مجتمع ما أو دولة، ينطبق على تخريب منظومات الأمن والاقتصاد والفكر، بعبارة أخرى إحداث حالة شلل في البنية الأساسية للمجتمع بكامله، وجدير بأصحاب السمو أمراء المناطق بغض النظر عن مواقع إمارتهم التنبه لهذه المعطيات التي بدأت تفرزها التغيرات الدولية والإقليمية. واعرف أن هذه مهمات شاقة والوعي بها والتعامل مع آثارها يعد عبئاً إضافياً على المهام التقليدية الوظيفية، ومع ذلك أرى أنها ضرورية في وقتنا الحاضر من اجل منطقة فاعلة في وطن آمن.النقطة الثانية، هي واحدة من أسس التفاعل الإنساني والبشري بشكل عام، وهي خاصية سعودية بامتياز واعني بها درجة ونوعية الاتصال والتفاعل بين الحاكم والمحكوم، ويخبرنا التاريخ أن القيادات السياسية السعودية المبكرة كانت على وعي تام بهذه الجزئية، ربما بدواعي فطرة الدور القيادي، أو تبعا للأعراف والتقاليد التي كانت تنظم حياة الناس في الماضي، واليوم يمكن القول أن شخص وشخصية الحاكم الإداري أهم بوابات الاتصال بين المواطن والدولة، وان قدرته على ممارسة درجة عالية الاتصال الفعال الذي يعني في احد أوجهه سماع الناس واحتضان قضاياهم وتفهم مطالبهم مهما كانت صغيرة، وثانوية، لان في ذلك تأسيسا وتعزيزا لمبدأ مهم في العلاقة مع المحكومين هو مبدأ "تنقية الولاء للوطن" والذي يعني ببساطة إزالة أي لبس قد يتسلل إلى فهم المواطن بأنه محل تهميش أو عدم اهتمام. وتجدر الإشارة إلى أن وسائل التواصل الحديثة أصبحت في خدمة الفعل الإداري بطريقة غير مسبوقة في هذا الجانب ومع ذلك يجب التأكيد أن خصوصيات بعض المجتمعات تعلي من الاتصال المباشر وتعول بدرجة اكبر على ردة الفعل المحسوسة.حديث الحب والترحيب بسمو الأمير جلوي على رأس إمارة منطقة نجران، ذو شجون، ومن المؤكد أن سموه يعرف من أبناء المنطقة من سيحدثه بخير مما قلت، ولن أزيد على ما سيسمعه سموه من الناس هناك، الصغير منهم والكبير" أرحب يا أمير".* مستشار وباحث في الشأن الدولي