عيسى الجوكم

بريدة.. أسألكِ عن الجمال!

 لا المكان مكانكما، ولا الزمان زمانكما. لا تعودا لماضيكما، فالرحلة كانت طويلة ومملة، تعب في مسيرتها جمهور يتنفس كرة القدم. عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، فلا تخالفوا القاعدة وتتمسكوا بالاستثناء.  سفيرا بريدة عندما مكثا في محطة (الأولى) لسنوات طوال، وغابا فيها عن دوري الكبار رغم ما يمتلكانه من مقومات جماهيرية وعناصرية تؤهلهما للعب مع أصحاب الألقاب والبطولات، غابت معهما أشياء جميلة، لا سيما في المدرج القصيمي، وهو الجمهور الحي الذي يتفاعل إعلاميا مع كل هبة ريح رياضية في بريدة. تلك الصورة التي كانا عليها رائد التحدي وسكري القصيم (طالع نازل) ما بين دوري الأولى والمحترفين مسحت من الذاكرة في السنوات الأربع الماضية، وظن الجميع أنها لن تعود، ولكن «المجنونة» كرة القدم لا تخدم إلا من يخدمها، وهي التي أطاحت بالعمالقة، وجاءت بالمفاجآت، وقلبت الأفراح لقاعة أحزان، فهي لا تعرف كبيرا ولا صغيرا إلا من اجتهد لها وواجه صعوباتها وتقلباتها. انطلاقة الموسم الحالي لا تبشر بالخير لمحبي الرائد والتعاون، رغم أن الأخير كان الحصان الأسود في منافسات الدوري للموسم المنصرم، بينما الأول لم يستوعب الدرس الذي وقع فيه في نفس الموسم وكان من الفرق المهددة بالهبوط لولا نتائج الجولة الأخيرة.ما بين تفوق التعاون وانحدار الرائد في الدوري السابق مسافة وحدتهما في انطلاقة هذا الموسم بالسير ببطء في حصد النقاط، والاستسلام للمكوث في ركب فرق القاع. أجزم أن جمهور الناديين الكبيرين بدأ يضع يده على قلبه، فالصورة القديمة بدأت تلوح في الأفق، والاطمئنان بالبقاء مع الكبار مهما كانت الخسائر وإهدار النقاط في البداية على أمل التعويض في الأمتار الأخيرة من سباق الدوري، قد يكلفهما دفع الثمن غاليا في نهاية المطاف. التعاون الأفضل نسبيا ونقطيا من الرائد مع نهاية الجولة السادسة بحاجة هو وجاره، لانتفاضة حقيقية تعيد عربة الروح والقتالية والطموح لسكة الانتصارات، والبعد عن كابوس عانى منه طويلا في حقبة زمنية بزيارات متنقلة ما بين الأولى والأضواء. أعتقد أن الأمر لا يحتاج لعامل التسويف، وإلا ستكون الخاتمة في هذا الموسم مثل خاتمة عبدالحليم حافظ مع الحب في قارئة الفنجان التي رسم حروفها نزار قباني. ولن تعود الأمور إلى نصابها إلا باللاعب رقم واحد في الفريقين وهو الجمهور الذي من وجهة نظري كان علما في دوري الأولى، لكنه توارى عن الأنظار عندما وصل من يعشقه لمحطة الكبار. لقد تنازل جمهور الرائد والتعاون عن فخامة المدرج وهذه حقيقة وأرقام الحضور في المباريات لا تكذب، ولا أعلم ماذا أصاب جماهير بريدة النشطة؟ فالجمود يغلفها منذ فترة، والسؤال الذي يطل بفرجة حادة متى يعود لعشق المدرج من جديد؟!