عبد اللطيف الملحم

شقق التمليك.. الدار قبل الجار

في الماضي غير البعيد وقبل توفر الكثير من المواصلات التي نراها الآن كان اختيار منزل العمر يخضع لشرطين أساسيين. وهما قرب المنزل من المسجد ومن هم جيرانك. وفي الوقت الحالي تغير كل شيء. ففي الماضي كانت منازل كل أسرة متقاربة. وكان القريب يبحث عن حارة بها أقاربه ومعارفه. ولكن ومع ازدياد أسعار الأراضي وتوفر جميع انواع المواصلات وغيرها، فقد كان من الطبيعي أن يتم اختيار منزل قد يكون في محيط لا تعرف فيه أحدا.وفي الوقت الحالي يقام ملتقى في معارض الظهران تم افتتاحه برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنظقة الشرقية، ودشن الافتتاح نائب أمير المنطقة سمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز، تحت مسمى "معرض وملتقى الشرقية للعقارات والإسكان والتطوير العمراني" والحق يقال: إن التنظيم كان من أفضل ما شاهدت، والمشاركون يعتبرون من الأفضل والأشهر والذي بدا واضحا من خلاله قدرة المقاول السعودي والمطور العقاري السعودي وكبار ملاك العقار على المساهمة في تطوير ومساعدة المجتمع في حل أزمة أصبحت هاجس كل مواطن، الا وهي امتلاك منزل. وأثناء تجوالي في المعرض لفت انتباهي أن معظم من تحدثت معهم لا بد وأن نمر مرور الكرام بحديثنا عن موضوع تملك الشقق، والذي بدأ ينتشر لأنه في الوقت الحالي أصبح هو الخيار الامثل، بسبب نقص المادة لدى الكثير. وبدأت ظاهرة شراء الشقق في المباني التي رأى مدى انتشارها في جميع مدن المملكة، ولكن المشكلة تكمن في أنه لم نر أي قوانين أو شروط خاصة بهذا الأمر الجديد. وإن وجدت هذه القوانين والتعليمات فواضح أنها لا تطبق. فامتلاك شقة في عمارة يتكون سكانها من نسيج مختلط، والشقق تجمعها أمور كثيرة مشتركة، وإضافة لذلك هناك أمور كثيرة لا تنتهي عند امتلاك منزل أو شقة، الا وهي أمور الصيانة والنظافة والتصرف الحضاري من كل ساكن. وقد أخبرني أحد كبار المشاركين أنه إذا لم يتم تفعيل قوانين شفافة وملزمة، فإن المحاكم ستكون مشغولة بعد عدة سنوات بسبب الشكاوى بين الجيران وبين الساكنين والبائع للشقق. ففي حالات كثيرة يحدث مثلا تسرب مياه من الطابق العلوي والمتضرر منها في الطابق السفلي، أو مثال آخر وهو من المسؤول عن نظافة المنطقة الفاصلة بين كل شقة أو سطح الشقق السكنية أو محيط العمارة. ومن المؤسف مثلا أن نرى عمارة بها شقق وتم بيع تلك الشقق بمبالغ كبيرة والعمارة مبنية بشكل جميل وتقع في حي راق، ولكن ترى محيطها وداخل ردهاتها غير مهتم به لأن كل ساكن يعتبر المهمة ليست من شأنه. ومع مرور الوقت تبدأ عوامل التعرية في العمارة تتضح للعيان ويبدأ الشكل الخارجي بالترهل وتفقد الشقة جزءا كبيرا من قيمتها. وأكثر من ذلك تزداد هوة التنافر بين الجيران، ويصبح السكن بدلا من أن يكون مكانا للاسترخاء ليتحول إلى مكان أخذ وجذب بين الجيران. وأصبح واضحا أن المواطن سيبدأ النظر إلى شكل العمارة وأنظمتها قبل أن يسأل من هو الجار. وستختفي كلمات كنا نرددها وهي "الجار قبل الدار" لتصبح "الدار قبل الجار".