طرفة عبدالرحمن

الفئة المتشائمة والمضللة فكريا..

هل الأفراد في المجتمع السعودي يحظون بقدر عال من السعادة والرضا؟ وعندما نقرن مدى سعادتهم أو حتى تعاستهم مع غيرهم من الشعوب الأخرى في أي درجة من خط السعادة أو التعاسة يمكن أن نضعهم؟ طبعا هذه أسئلة نحتاج للإجابة عنها بطريقة صادقة وموضوعية إلى دراسة علمية دقيقة.. قد يظن البعض أن فتح مجال النقاش والبحث العلمي في هكذا مواضيع إنما يأتي من باب الرفاه العلمي، وكأننا كما يعتقد لم نقفل بالبحث كل مواضيعنا المهمة في المجال الاجتماعي والنفسي حتى نفرغ لهذه الموضوعات البسيطة.. القضية ليست هكذا، فأهمية الوصول لنتائج تتعلق بهذه التساؤلات يرجع لعدة أمور سأوضحها هنا، لكن بعد أن اذكر سبب اختياري لهذه القضية في هذا المقال، وهو اني عندما قرأت نتائج الدراسة السعودية التي أجريت بأداة استطلاع عبر الانترنت وكانت تبحث في قضية السعادة بربطها بعدد من المتغيرات. لم تلفت نظري النتائج التي توصلت لها الدراسة بقدر ما شد انتباهي التعليقات الواردة على هذه النتائج من قبل القراء الذين ادلوا بتعليقاتهم تحت الخبر الذي نشر نتائج الدراسة.. لقد كان الأفراد فيه يحملون النتائج أكثر مما تحتمل، فبعيدا عن الاتهامات بين الجنسين في أن كلا منهما محتكر لمقومات السعادة كان الملفت في التعليقات ردود أصحاب نظرية المؤامرة أولئك (المستدينين) الذين فسروا نتائج الدراسة بأنها دعوات ليبرالية علمانية لحرية المرأة وافسادها وتمردها.! كون الدراسة تقول إن الذكور أكثر سعادة من الإناث داخل الأسرة.. أما الفئة الأخرى فوجدت في خبر الدراسة فرصة لتعداد مشاكل البلد الاقتصادية والاجتماعية وربطها بعوامل التعاسة عند المواطن السعودي، وهذه الفئة أنا لا أختلف معها كثيرا كون المال يعتبر أحد مقومات السعادة إذا كان مقترنا بعوامل أخرى كالصحة والاستقرار، لكن النحيب المستمر في كل مناسبة وبطريقة تشاؤمية بنفس النغمة واللحن لهو أمر مؤلم على الحال الاجتماعي العام، فحتى مناسبات وطنية كاليوم الوطني بل وأعياد المسلمين لم نسلم فيها من هذه الدندنة.. لم أمر إلا على تعليقات معدودة في ردود القراء السابقة كانت تحمل جانبا من الفكاهة والتي تظهر أن صاحبها يتمتع بنوع من السلام مع حياته وظروفه. أعود هنا لتوضيح قضية لماذا نحن بحاجة لفهم مستوى السعادة الذي يحيا به الفرد السعودي ومقارنته بغيره من الشعوب؟ لأننا نحتاج لفهم العقل الجمعي لأفراد المجتمع وكيف يفكر؟ ونستدل بالنتائج على حاله النفسي والاجتماعي.. وإلى أن تظهر نتائج بحثية توضح لنا حجم ما يتمتع به الأفراد السعوديون بشكل عام من رضا وسعادة في حياتهم، أريد أن أفهم تفكير الفئات المتشائمة والأخرى المضللة فكريا.. فبالنسبة للأولى أريد أن أفهم هل يخفى عليهم أن أهم أسباب السعادة أن تفتقد أهم عوامل التعاسة، ولتعرف أهم هذه العوامل اسأل الفقراء والمغتربين لأسباب الرزق، اسأل الجوعى والخائفين في أوطانهم، اسأل المرضى، اسأل المحرومين، اسأل التائهين في أسباب اليقين.. أما الفئة المضللة فكريا من فئة (المستدينين) فأريد أن اسأل إلى متى سيظلون قابعين في درك نظرية المؤامرة ويعتقدون أن من الزهد رفض الحديث في كل مقومات السعادة ما لم تكن في إطار ديني بمقاسهم الشخصي!! بل مشكلتهم تتعدى ذلك كونهم يعتقدون أحيانا ان من الزهد الشعور بالتعاسة وتأجيل السعادة للدار الآخرة، متناسين فكرة أن الله كريم يمن على عباده بنعيم الدارين، وما أوجد سبحانه النعم إلا لسعادة الخلق.* إعلامية وباحثة اجتماعية