وليد السليم

التعصب الرياضي باعتباره مهدداً لترفيهنا الوحيد

بالتأكيد هنالك خلل ما، فحين يطل التعصب الرياضي بوجهه القميء وبهذا الزخم الكريه ليتحول التنافس الرياضي الشريف إلى مشاحنات ومناكفات وأخيراً اعتداءات فنحن -حينئذ- بحاجة ضرورية وماسة أكثر من أي وقت مضى لمناقشة الأمر بشفافية ووضوح ذلك أن هذه الإشكالية يبدو أنها انتقلت بشكل متسارع وعميق من دائرة (الرياضي) إلى دائرة (الاجتماعي) وهنا سأناقشها من محوريها المهمين هذين.التعصب الرياضي ليس خاصاً بفريق ولا بمشجعيه ولا بمجتمع رياضي دون آخر فالتعصب الرياضي ظاهرة عالمية تخف وتتنامى بمؤثرات كثيرة ليس أولها النتائج ولا آخرها الإعلاميون وميولهم الملونة.وفي مجتمعنا فإن الرياضة- وكرة القدم تحديداً- كانت ولا تزال المتنفس الوحيد لشبابنا ممارسة ومتابعة بل امتدت شعبيتها لتشمل الأطفال وكبار السن وأيضا النساء بمختلف المراحل العمرية.ولم يكن ذلك ليحدث بهذه الصورة شاسعة الحجم ذات البعد التراكمي الكثيف لولا انحسار مساحة الترفيه والشح الشديد في أماكن الترويح عن النفس ومن طبيعة النفس البشرية أنها تبحث دوماً وبلا كلل عن البدائل فجاءت الرياضة -وحسناً فعلت- لتحتل مساحة لا بأس بها من الحالة الفراغية وتغطي تلك المنطقة المكشوفة والمساحة الخالية وهي بالمناسبة نعمة عظيمة في تقديري وإلا فإنني كنت وما زلت أتساءل: ماذا لو لم تكن الرياضة موجودة لدينا بوصفها مجالا ترفيهيا خصبا إذاً لأصبحنا نعيش في أزمة مجتمعية بالغة القسوة والتعقيد.وبالمناسبة فلقد كنت أنا وجيلي شهداء على الفترة الماسية للكرة السعودية إذ أن النتائج الإقليمية والعالمية والبطولات والكؤوس والتأهل للمحافل الرياضية العالمية كانت سمة بارزة لتلك الفترة الجميلة التي عشنا فيها تفاصيل الفرح مع تلك المنجزات الرياضية النوعية.وعندما كان منتخبنا الوطني يلعب كانت تختفي الألوان المحلية وتذوب في شعارنا الأخضر المجيد بالطبع كانت هناك بعض الحالات البسيطة الاستثنائية تظهر كميول لكنها لم تكن مؤثرة البتة على المشهد الاحتفالي العام.في الفترة الحالية يمر الجيل الحاضر بنتائج متعثرة لمنتخبنا ولا أدري إن كان ذلك مؤثراً في توجه المشجع لفريقه المحلي بهذه الكثافة والتركيز من التشجيع والاهتمام والمتابعة، أقول ربما.وعوداً على بدء فإن إذكاء التعصب الرياضي له شواهده الواقعية التي لا تخفى على أي متابع سواء في صحفنا الورقية والالكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي.الميول في رأيي أمر جد جميل ولكن حين يتحول الميول إلى تعصب ممقوت تنبعث منه الكراهية الشديدة للفريق المقابل ويتحول ذلك الشعور إلى تصرف واعتداء هنا لا بد لنا من وقفة جادة مع هذا الحدث المستجد.فقد كنت أتابع كغيري الأسبوع الفائت تغريدات لإعلاميين رياضيين سعوديين وهما بالمناسبة لهما ميول لناد واحد ولكن اختلاف وجهات النظر بينهما تحول إلى مرحلة غير مقبولة إطلاقاً ولكون التغريدات لا يمكن حجزها أو تقييدها طارت بها الجماهير لتصل إلى أن عدداً من الجماهير اعتدوا أو حاولوا الاعتداء على الإعلامي الآخر في بيته.هذا مؤشر غير مريح بتاتاً لما ستؤول إليه الأمور مستقبلاً لجمهور من الشباب المتحمس الذين لا يمكن ضبط تصرفاتهم حين يتم شحنهم وحقنهم بهذه الصورة المبالغ فيها.صورة مقيتة أخرى للتعصب الرياضي وهو خروج أكثر من وسم تويتري يدعو فيه عدد من مشجعي فريق منافس تشجيع فريق من دولة أخرى سيلتقي بفريقهم المنافس في بطولة قارية، والحق أن هذا مؤشر يقلقني كثيراً فحين يصل التعصب إلى تمني هزيمة فريق بلدك وهو في مهمة وطنية من فريق من دولة أخرى فلا شك أن هناك مشكلة ما.ومن جانب آخر فكثيراً ما يزعجني رؤية ألوان أنديتنا الرياضية يتشح بها بعض الجماهير في المدرجات في مباريات منتخبنا الوطني ولا أدري هل هو عمى ألوان عند أولئك المشجعين المتعصبين أم ماذا؟!.حسناً، ماذا بقي؟!، بقي أن أقول ان الميول الرياضية انتماء جميل وحين يحصل تعصب رياضي بصفة فردية فتلك ظاهرة عالمية لكن حينما يصل التعصب إلى هذا السقف المرتفع فالأمر بالتأكيد مختلف، ينبغي أن نعترف بالمشكلة ونبدأ وضع الحلول مباشرة فالمؤشرات دائماً ما تكون دالة على المآلات.وتكمن ضرورة العلاج السريع لهذا التعصب الرياضي الشديد في الأهمية البالغة التي يتوجب علينا مراعاتها في الحفاظ على هذا المتنفس الترفيهي المهم من أي مؤثرات تشوهه أو تنحرف به عن مساره الصحيح.