زياد محمد الغامدي

رسوم الأراضي البيضاء ضرورة لا يمكن تفاديها

من يحلم بعرقلة فرض رسوم على الاراضي البيضاء لا يحلم الا بما يستحيل وقوعه، كمن يحلم بامتطاء طائر العنقاء او ديناصور او غيره مما لا يوجد الا في المخيلات. ومن يسوق لهؤلاء الذين يطمحون للمستحيل، ليسوا سوى مهرجين، والحق يقال انهم مهرجون يجيدون إثارة الضحك. لا يمكن الوقوف في وجه مسيرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الاصلاحية، سواء كانت اجتماعية او اقتصادية او قضائية او تعليمية او غيره. وفرض رسوم على الاراضي البيضاء داخل النطاق العمراني ليس سوى حلقة اصلاح في سلسلة طويلة لن تتوقف. الرؤى التي يحملها الملك عبدالله لما يجب ان تكون عليه المملكة تحتم الا يتم تغليب مصلحة فئة كائنة من كانت على مصلحة الوطن وابنائه. وحين يتعلق الامر بحاجة اساسية من الاحتياجات الانسانية، كتوفير السكن ومنع احتكار الاراضي، فلا مجال الا لتثبيت الصواب الذي يكفل حق الجميع في منع احتكار الاراضي، الذي يعتبر حجر العثرة الاكبر في طريق تملك السكن بسعر مناسب. مقاومة بعض العقاريين للقرار لا يثير سوى الشفقة، ولكن ليس عليهم، بل على سوق العقار الذي تم احتكاره بطريقة مفزعة، حتى اصبحنا الدولة الاولى في العالم في نسبه قيمة العقار الى مجمل تكاليف البناء وللأسف الشديد. احتكار اصبحت معه مدننا مشوهة بطريقة سيئة، فراغات من الاراضي غير معمرة وغير مستغلة، تم تملكها ومنع تداولها وتعميرها بغرض رفع أسعارها، وذلك اوضح صور الاحتكار الذي حرمته التشريعات السماوية كافة، والقوانين الوضعية كذلك. فرض الرسوم على الاراضي البيضاء ليس مطلبا تنمويا تكتمل معه المنظومة الاقتصادية فقط، بل ضرورة حتمية لاستمرار وديمومة الحياة المدنية. بعض الاقتصاديين (الفلتات) يروجون بأن فرض الرسوم يعيق الحركة التنموية للقطاع العقاري، والحقيقة ان مثل هذه الرسوم لا تعيق سوى امتلاء جيوب المحتكرين بأموال لا حق لهم بها، اموال يتم اخذها من الكادحين والعاملين بغير وجه حق، اموال تم تحصيلها نتاج عملية منظمة ومنفذة بعناية فائقة لتكديس الاراضي ومنع تداولها بغرض بيعها بالقطارة بأسعار فائقة. الحقيقة ان اي قطاع اقتصادي يقوم على الاحتكار كوسيلة للتنمية قطاع فاشل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، سواء كان القطاع عقاريا او نقلا او اتصالات او غيره. وحين يتعلق الامر بأحد اهم احتياجات البشر، كالسكن والدواء والماء وغيره، فالامر يصبح جريمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. والتأخر في انهاء مثل هذا الوضع ليس سوى دليل على سطوة وقوة وتنفذ المحتكر. وهذه السطوة والقوة والتنفذ في طريقها للزوال والى الابد، فعقارب ساعة الاصلاح لا تعود الى الخلف، ومشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز الاصلاحي سيمضي قدما ولن يتم تعطيله او تأخيره من اي كان، تحت اي مسوغ او مبرر او مسبب. مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز الاصلاحي مشروع متكامل ومترابط ولن يؤدي لغير التنمية الحقيقية المتكاملة الاركان. والامثلة على الاصلاحات التنموية والاجتماعية والتعليميه كثيرة ومترابطة ومكملة للبعض، كمشروع الملك عبدالله للابتعاث، ومشروع الملك عبدالله لاصلاح القضاء، ومشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، ومشاريع الاسكان غير المسبوقة وغيرها الكثير حلقات مهمة في مسيرة الاصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين. وفرض رسوم على الاراضي البيضاء نقطه ناصعة البياض في هذه المسيرة العطرة، وعلى كافة الاطراف المعنية بهذا الامر الدفع نحو التعجيل به، وعلى من يحلم بغير تحقيقه ان يصحو من سباته العميق، فلا مصلحة خاصة تعلو على مصلحة الوطن، ولا شيء يعلو على الحق، اما الباطل فمصيره للفناء.