علي البلوي

«الإخوان المسلمون» يتذكرون أخيراً أن الأحواز عربية!

تشير المعلومات إلى أن الضغط الدولي والإقليمي الحاصل على الإخوان المسلمين في مصر والمنطقة العربية، وانكشاف خداعهم، قد دفعهم للتخطيط والبحث عن مناطق وساحات يعملون فيها، سواء للعمل الدعوي كما يقولون، أو للتدريب والتخطيط العسكري، بعدما اتخذوا قراراتهم، وفي اسطنبول وعقب إقصاء الإخوان عن السلطة في مصر، والتي كان من بينها استخدام القوة واللجوء الى العنف لاسترداد مكانتهم، لكنهم اكتشفوا أن ذلك سيكون نهاية لهم، ومع ذلك كانوا قد تفاهموا سراً مع إيران على إقامة معسكرات تدريب في سيناء وفي الأراضي الليبية، لكنهم اكتشفوا ان الامر ليس سهلا، فأعلنوا مؤخرا عن إنشاء فرع لتنظيمهم في الاحواز العربية المحتلة، جاء ذلك في بيان أكدوا فيه.. « إنه وبفضل الله تم تأسيس الجماعة في الأحواز المحتلة بعد شهور من العمل السري». تعلن الجماعة عن تأسيسها على الساحة الأحوازية، وأن مشروعها الدفاع عن الهوية العربية لأرض وشعب الأحواز، ونشر مذهب أهل السنة والجماعة على أرض الأحواز المحتلة، وتعمل الجماعة بشكل سري على الصعيدين (الدعوي والسياسي)، لكن تنظيم الاخوان الذي اكتشف عروبة وهوية الاحواز مؤخرا، ينفي ذلك مطلقا، حيث تؤكد المعلومات بأن هناك توافقاً ايرانياً اخوانياً على فتح فرع للاخوان يتم فيه استضافة بعض من رموز الاخوان غير المرحب بهم في مختلف دول العالم، والتوافق على انشاء مركز تدريبي يتبع للحرس الثوري الايراني، مقابل قيام الاخوان بدور داخل الاحواز يحول دون مطالبة الاحوازيين باستقلالهم ، والعيش في اطار الدولة الاسلامية في ايران، ناهيك عن التفاهمات الاقليمية بين الطرفين ، والتي مهدت الطريق لزيارة وفد اخواني من المكتب الدولي لطهران، اضافة لعضوين من اخوان سوريا بغية التفاهم على الوضع في سوريا مستقبلاً ، الامر الذي تنكشف فيه حقيقة الاخوان المسلمين كجزء من مخطط التفتيت لهذه الامة .  ففي 10/11/2008 عقد المكتب الدولي للاخوان المسلمين، عدة لقاءات استراتيجية في اسطنبول، وفي احد هذه الاجتماعات،  قرر المكتب الدولي للاخوان المسلمين، وبعد ضغوط ايرانية، تقليص وتهميش عضوية الاخوان المسلمين في ايران، في المكتب الدولي، ولم تفلح الوساطات والاستغاثات التي تقدم بها زعيم التنظيم الايراني بأن الاخوان وضعوه في موقف ضعيف في ايران،  وان علاقتهم مع الثورة الايرانية كانت مصلحية للغاية، وانه بصدد الانشقاق عنهم، الا ان السلطات الايرانية، حاصرته وحالت دون اعلانه الاختلاف مع الاخوان المسلمين. يعتبر عدنان سعد الدين من القيادات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وقد كتب مذكراته التي صدر منها مجلدان للآن عن دار عمار – الأردن، وقد تعرض في مذكراته لموقف جماعة الإخوان المسلمين من الثورة الإيرانية،  فقال في صفحة 2/401: عندما ظهرت حركة الخميني ـ الذي خدع المسلمين في جنبات الأرض بوعود ظهر فيما بعد كذبها، من تحرير القدس وفلسطين، وأداء الصلاة  في الحج مع عامة المسلمين  في هذا التوقيت نشرت صحيفة الزمان العراقية  (اللندنية) خبراً، أكدت فيه بأنه عن مصادر مقربة من قيادات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، قالت فيه: إن إخوان إيران بزعامة عبدالرحمن بيراني، اتخذوا قرارا بمقاطعة التنظيم الدولي للإخوان، على خلفية مساندة الاخوان للنظام الإيراني في أكثر من مناسبة، وعلى حساب حقوقهم، وان بيراني عبر عن غضبه من موقف التنظيم الدولي المساند لايران،   حيث لا تزال طهران تصر على مطاردة إخوان إيران والتنكيل بهم باعتبارهم جزءا من السنة في إيران، الذين ترفض الحكومة الإيرانية بناء مساجد لهم أو إعطاءهم حقوقهم أو مساواتهم بغيرهم من مواطني إيران. الامر الذي أوجد تياراً داخل تنظيم الاخوان في ايران يؤيد خطوت بيراني، كما أن ارتفاع معدلات الاغتيالات في عهد احمدي نجاد، وحسن روحاني والتهميش الواضح الذي يعانيه السنة هناك قد وسع من دائرة الاحتقان في أوساط السنة بإيران.   وفي 18 نوفمبر 2008، وفي حديث لجريدة «الشرق الاوسط» نفى القيادي في الاخوان المسلمين، أمرين: الأول تجميد اخوان ايران لعلاقتهم مع المكتب الدولي للاخوان المسلمين ، والثاني دافع العريان عن موقف وعلاقة الاخوان بإيران مؤكدا دعم الاخوان للثورة الايرانية عام 1979 باعتبارها ثورة على الشاه وعلاقاته مع اسرائيل، ولم يشر العريان الى دعم الاخوان لحرب ايران على العراق ولثماني سنوات، وعلاقة التسلح التي كانت بين طهران وتل ابيب والتي مهدت لتعاون اسرائيلي ايراني لضرب المفاعل النووي العراقي تموز عام في 7/6/1981 وذلك في ذكرى هزيمة 1967، وبحسب المعلومات الاستخباراتية العراقية التي سربت بعد سقوط النظام الوطني في العراق ، فإن هناك تنسيقا كبيرا تم بين ايران واسرائيل، حيث قامت ايران باكثر من هجوم عسكري وبطلعات جوية اربكت سلاح الجو والمضادات العراقية، وساهمت بالتشويش على الرادارات العراقية لمدة تزيد عن ساعة كاملة، وكان العراق قد أجرى قبل حوالي يومين من قصفه تجربة عملية لتشغيله استمرت 72 ساعة وهي آخر تجارب الاستلام وعددها 11 تجربة بغية الموافقة على تسلمه من الجانب الفرنسي الذي كان في بغداد لغرض التوقيع على التسليم حتى إن أحد المهندسين قتل في الغارة عندما كان يكمل أعماله فيه. ولعل الامر ليس صدفة ايضا، ان تقع المعارضة السورية على وثائق ومعلومات استخباراتية تفيد بأن قصف المفاعل السوري كان بعد صفقة سرية عقدت مع ايران تضمن لها عدم تعرضها لضربة عسكرية مماثلة، وهذا ايضا يكشف النقاب ايضا عن الدور الكبير الذي لعبه محمد البرادعي الذي اصر على انتهاج الوسائل الدبلوماسية والضغوط على سوريا عبر البوابة الايرانية، فيما كانت الاستخبارات الاسرائيلية تصر على التدمير كي يمنح ذلك اسرائيل قوة، بعد حرب تموز مع حزب الله.  جماعة الإخوان المسلمين بمصر  نفت بشدة أن جماعة إخوان إيران لم تُجَمِدْ موقفها داخل التنظيم الدولي للإخوان، وأنها لم تحتج على أي موقف للجماعة الأم في مصر ، وشددت الجماعة على لسان القيادي الإخواني الدكتور عصام العريان على أن هذه ليست الوسيلة التي يحدث بها تفاهم داخل الصف الإخواني، لكن العريان غض الطرف عن الضغوطات الكبيرة التي تعرض لها  عبد الرحمن بيراني من قبل الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي للاخوان المسلمين، والذي يشغل بيراني عضوا فيه ،على الرغم من تصريحات القرضاوي وموقفه من السياسة الايرانية ضد الدول العربية ومصر على الخصوص.  ونفى العريان أن يكون السنة في إيران مضطهدين قائلا:ً «لقد تم تخصيص قطعة أرض كبيرة هناك لبناء مسجد كبير لأهل السنة، وهم يجمعون تبرعات حالياً».  في العام 2008 كان الرئيس الامريكي باراك اوباما قد جاء بسياسة التغيير، وعقدت في اروقة وزارة الخارجية الامريكية ثلاثة مؤتمرات مهمة: الأول قادته وزيرة الخارجية السابقة مادلين اولبرايت، وكان عنوانه ( السياسة الامريكية وتغيير الاتجاه نحو العالم الاسلامي ) وفي عام 2010 عقد مؤتمر آخر في أروقة الوزارة كان عنوانه (امريكا وقيادة العالم عبر التعامل مع القوى المدنية ) وقبل هذه المؤتمرات كانت وزيرة الخارجية الامريكية كوندليزا رايس قد اعلنت وفي خطاب مقتضب في جامعة القاهرة عام 2005، بعثت كوندليزا برسائل جديدة تمثلت بانتقادها للسياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط والتي اعطت اولوية للاستقرار على الديمقراطية، وقالت: (لقد سعت لم الولايات المتحدة لمدة 60 عاما من أجل تحقيق الاستقرار على حساب الديمقراطية في الشرق الأوسط، لكننا لم نحقق أيا منهما. والان نحن ننتهج أسلوباً آخر. فنحن ندعم التطلعات الديمقراطية لكل الشعوب.)   وفي ذات العام 2008 وبحسب وثائق ومعلومات امريكية، كانت ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما قد انتخبت على اساس واحد وهو التراجع عن عسكرة السياسة الخارجية الامريكية ، وبدا الحديث عن انسحاب من العراق وافغانستان، وعدم الدخول في مغامرات عسكرية جديدة، لكن ادارة اوباما ضاعف حجم وميزانية الاستخبارات الامريكية، وبدأت اللعبة السياسية الدولية والاقليمية مختلفة،  وصدرت دراسات حول استبدال القوة الخشنة بالناعمة لتحقيق ذات الاهداف والاستراتيجيات، وفي واحدة من الاجتماعات المهمة في مجلس الامن القومي الامريكي تم التفاهم على اعطاء بعض الدول ذات العلاقة الاستراتيجية مع امريكا ادوارا اقليمية استثنائية،  وضبط الصراعات والتحكم بها، خاصة وان ذلك تزامن والازمة المالية العالمية، وهذا يعني ان واشنطن في هذه الفترة مضطرة لممارسة سياسة العزلة وهو نمط سياسي امريكي متبع في فترات تاريخية وسياسية امريكية، وقد ابلغت تركيا واسرائيل بهذا التوجه، وبعد اجتماعات ومداولات حول اسباب التطرف والعنف، كانت تركيا الاخوانية ميالة للاستفادة القصوى من التراجع الامريكي عبر مد  عوامل التاثير والنفوذ في المنطقة، وتم التفاهم مع واشنطن بان الدور التركي المطلوب ممارسته يتطلب تمكين الاخوان المسلمين من السلطة، عبر رفع الغطاء عن انظمة الحكم التقليدية، ولتحقيق هذا الهدف عقد اجتماع استراتيجي في اسطنبول بين المخابرات الامريكية والحكومة التركية واعضاء من المكتب الدولي للاخوان المسلمين من بينهم مهدي عاكف، وراشد الغنوشي، كما طالب الاتراك بممارسة دور الزعامة للعالم الاسلامي، لاقصاء الدور الايراني واستبدال وجود ايران المؤثر في غزة بالوجود التركي، فيما شهد لبنان منافسة ايرانية تركية تمثلت بزيارات متضاربة البروتكول بين الرئيس الايراني احمدي نجاد ورئيس الوزراء التركي اردوغان.مواقف بعض الإخوان من إيرانيعتبر عدنان سعد الدين من القيادات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وقد كتب مذكراته التي صدر منها مجلدان للآن عن دار عمار – الأردن، وقد تعرض في مذكراته لموقف جماعة الإخوان المسلمين للثورة الإيرانية،  فقال في صفحة 2/401: عندما ظهرت حركة الخميني ـ الذي خدع المسلمين في جنبات الأرض بوعود ظهر فيما بعد كذبها، من تحرير القدس وفلسطين، وأداء الصلاة  في الحج مع عامة المسلمين... إلخ ـ طار الناس فرحاً، واندفعوا وراء الخميني دونما وعي أو تبصّر، وبجهل مطبق بتاريخنا العربي والإسلامي، وبجهل أكبر بعقائد وأفكار الحركة الخمينية، فلم تمض على ذلك أشهر معدودات، وقبل اكتمال عام على استلام الخميني الحكم في إيران، وطرد الشاه، وإلغاء الملكية، وانتصار دول ولاية الفقيه، حتى ظهرت الفجيعة للعيان، وخيبة الأمل في هذا النظام، فمنذ الأسبوع الأول لاعتلاء الخميني عرش الطاووس في طهران، حضر الوفد الفلسطيني برئاسة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، لتحط به أول طائرة هبطت في مطار طهران بعد الانتصار، وقد حدثني هاني الحسن سفير فلسطين في إيران عن تجربته فقال: لم أكتشف انتمائي لأهل السنة والجماعة ـ أو سنيتي حسب تعبيره ـ إلا في إيران، عندما أقمت في طهران سفيراً لفلسطين، من شدة ما رأيت من تعصب طائفي صفوي ذميم ضد المسلمين الآخرين.   وعندما فتحت السودان مركزاً ثقافياً في طهران، فتحت ايران مقابل ذلك سبعة عشر مركزاً ثقافياً إيرانياً في السودان، وصار الإيرانيون يوزعون الدولار على طلاب جامعة الخرطوم وغيرهم من الجامعات الأخرى، وبشروا بالمتعة، وإسقاط صلاة الجمعة... الى هنا ينتهي كلام عدنان سعد الدين  وفي نفس السياق يذكر لي شخصية فلسطينية مقربة من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس انه رافق وزير خارجية حماس محمود الزهار، وخالد مشعل في زيارة لطهران عبر دمشق لبحث تمويل حماس، وانه التقى شخصية في المخابرات السورية قبل السفر اكدت له بان الفرس لن يمنحوكم شيكا على بياض وانما سيتعاملون معكم بنظام القطعة، تؤدون خدمة ويدفع مقابلها وبعد مناشدات وتوسلات،   ويضيف: مضينا الى ايران واستقبلونا في فندق يتبع لوزارة الخارجية الايرانية، وقد فوجئ اعضاء الوفد ان الايرانيين يعرضون عليهم ليلا زواج المتعة، وقال: لقد عاد الوفد بلا دعم  غير الدعم المعنوي، وادركت حينها ان حكاية ايران مع المقاومة ومع العرب ليس سوى حكاية نفوذ واستخذاء وعمالة ولن يرضوا باقل من ذلك، وهذا حال الاخوان مع ايران ومع غيرهم . 

محمد بديع اثناء محاكمته