عبدالله المديفر

شباب إبراهيم

في الغرفة رقم ٣ التابعة للجناح رقم ٢١ في مستشفى الملك خالد الجامعي بمدينة الرياض يستلقي الشاب العشريني إبراهيم، ممدداً على السرير الثالث دون حراك لإصابته بالشلل الرباعي إثر حادث سير وقع له قبل عدة أشهر، وكان يصارع مع مرضه الشديد قسوة الهجر مما جعله يطلق سلسلة تغريدات يطلب فيها من الناس زيارته وإخراجه من قبر الوحدة، وقد اخترقت تغريداته قلوب السعوديين خاصة عندما قال: (زوروني ستجدون الله عندي وتكسبون الأجر)، وبعدها بساعات أصبح "إبراهيم" الاسم الأكثر ترديداً على ألسنة السعوديين، وغصت ممرات المستشفى المستضيف بالزوار المنتظرين لدورهم في الزيارة، وتحولت غرفة إبراهيم إلى حديقة هولندية تغص بالزهور، والحلوى البلجيكية تراكبت فوق بعضها بعد أن ضاق عليها المكان، ورسم الزحام أجمل لوحة إنسانية.زوروا المستشفيات وستجدون في كل جناح "إبراهيم" ينتظركم ويتوق إلى حديثكم ودعمكمالشباب السعودي أرسل رسالة واضحة الخط يقول فيها للكل: (فينا خير)، ويثبت أن الخيرية الإنسانية هي أصل أصيل لديهم، وتدفعهم للمساهمة الإيجابية متى ما وضعت أمام أعينهم.هذه الحادثة يجب استثمارها لغرس ثقافة "الزيارة لمن لا نعرف"، وأن يولد من رحمها نشاط تطوعي مستديم يهتم بالمرضى وبحاجاتهم الإنسانية والاجتماعية في كافة المستشفيات، وتنظم المبادرات والتفاعلات مع الحالات بشكل دوري متجدد حتى لا نكون مثل "نار السعفة" التي سرعان ما تأفل بعد وهجها الخاطف، ومن الجميل أن تكون البداية لهذه النشاطات التطوعية مجموعة تطوعية يكون اسمها "شباب إبراهيم" تخليداً لهذه الذكرى الرائعة.الشباب السعودي شباب متفاعل بطبعه، والمنظمات الشبابية في بلده أقل من طاقته ولا تحتوي تفاعله، وفتح القوانين وتهيئة البيئة لتشكل هذه المنظمات التطوعية ذاتياً ستنعكس بالخير على بلدنا في كافة المجالات."تويتر" كان هو ساحة الإعداد الجميل لهذه المشاعر النبيلة، وهنا يثبت هذا التطبيق أنه اختراع رائع متى ما أردنا ذلك، وأتمنى أن تنتقل عدوى هذه الحادثة إلى مجالات تعاونية أخرى تجمعنا وتقربنا كسعوديين.رجال الأعمال كان تفاعلهم إيجابياً في تقديم الدعم المالي لعلاج إبراهيم، بدأها خالد العمار بمائة ألف ريال، ثم أعقبها يزيد الراجحي بمبلغ مماثل، أشرك فيه متابعيه بشبكات التواصل الاجتماعي بالأجر، ليتبعها الأمير الوليد بن طلال بنصف مليون ريال، وليس سراً أن احتفاء المغردين في شبكات التواصل بهذه التبرعات يساعد على تكاثر المتبرعين ويحفزهم إليها.زوروا المستشفيات وستجدون في كل جناح "إبراهيم" ينتظركم ويتوق إلى حديثكم ودعمكم، وتذكروا أن رسولكم الرحيم قال: (إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع).