د.خالد الحليبي

الهيئة .. ضرورة

قبل أن يتم التحقيق في خبر المواطن الذي توفي ـ رحمه الله ـ في حادث مروري، يقال إنه وقع بسبب مطاردة سيارة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليس من حق أحد أن يثبت إدانة على أحد، فضلا عن أن يصدر حكما.ولقد ساء كثيراً من العلماء والدعاة وكل المواطنين في هذا البلد الكريم ما حدث، ولكن السؤال الذي امتلأت به صدور المواطنين الذين يعلمون ما تقوم به الهيئة من حماية لأعراضهم من لصوص الفضيلة: ألم يحدث أن طاردت إحدى الجهات الأمنية مواطنا مخالفا لأي نظام من أنظمة البلاد فوقع له حادث ومات؟ أتكون هذه الجهة الأمنية الكريمة مدانة بذلك وهي تحافظ على أمن النفوس والأموال؟ ولا يمكن أن تتعمد أن تكون سببا في موت أحد أبدا؟!إن رجال الحسبة مثل غيرهم يصيبون ويخطئون، وعليهم أن يتحروا الصواب، وأن يتدربوا على حسن التعامل مع المخطئ، ولكن لهم أن يحاسبوا إحسانا وتوفيقا، وحمل أعمالهم على أحسن المحامل، وعليهم أن يسعوا إلى التواصل مع الجمهور تواصلا إيجابيا، يجعلهم محبوبين إليه، إن رجال الحسبة مثل غيرهم يصيبون ويخطئون، وعليهم أن يتحروا الصواب، وأن يتدربوا على حسن التعامل مع المخطئ، ولكن لهم أن يحاسبوا إحسانا وتوفيقا، وحمل أعمالهم على أحسن المحامل، وعليهم أن يسعوا إلى التواصل مع الجمهور تواصلا إيجابيا، يجعلهم محبوبين إليه، فطالما سهروا من أجله، وطالما ضحوا من أجل أمنه، ولكن ذلك قد لا يتضح لأكثر الناس؛ لأن خدمتهم قد لا تصل إليه مباشرة.ومن أجل ذلك فإن الهيئة ومنذ سنوات عدة تقوم بجهد مضاعف من أجل تطوير الأداء، ورفع كفاءة منسوبيها، بإقامة الاتفاقات مع أكبر الجامعات والهيئات.لقد قرر الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله – إنشاء هذا الجهاز إيمانا منه بأهمية ذلك، فقال: (قررنا أن نعين هيئات في جميع بلدان المسلمين، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ومن أهم ذلك: إلزام الناس بالمحافظة على الصلوات الخمس في جماعة، وحض الناس على تعلم دينهم، والقيام على أهل المنكرات، والنظر في أمر الزكاة، والنظر في معاملات الناس، وتفقدها للبعد عن الربا والغش والظلم).وجعلت المملكة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركنًا أساسًا من أركان قيامها واستقرارها، ونص نظامها الأساس للحكم على ذلك فجاء فيه: «تحمي الدولة عقيدة الإسلام، وتطبق الشريعة، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله».فانفردت بلادنا عن سائر دول العالم بذلك، فتفردت بأمن محفوف بحفظ الله ورعايته، في وسط عالم يموج بالحرب والبلاء والفتن والأمراض القادمة من أرحام الفواحش.إن وجود جهاز الهيئة بصورته الرسمية، يقطع الطريق على نشأة أية طرق غير رسمية؛ لضرورة وجود من يقوم بمهام الهيئة الكبرى، من أمر بالصلاة، ونهي عن المنكرات، ومحاربة السحر والشعوذة، واكتشاف مصانع الخمور، وحماية الأعراض، والإسهام مع إدارة مكافحة المخدرات، ومحاربة الظواهر السيئة التي تهاجم مجتمعنا كل آن.لن ننسى ما قاله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ لمنسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: «من الشرف لهذه البلاد أن يكون فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والدولة هي التي تقوم بهذا العمل وتحقق هذا الأمر وتعمل من أجله، وهذه الدولة المباركة قامت على ركن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منذ تأسيسها... وسيستمر بإذن الله وتوفيقه».وقال: «سنقف مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسنعمل من أجلها وسنحافظ على كرامتها». ثم قال: «إلغاء هيئة الأمر بالمعروف مرفوض اليوم وغدا». بإذن الله تعالى.والخير ماض ـ بإذن الله وتوفيقه ـ في هذه الدولة التي قامت على أساس الشريعة من أول يوم.