د. إحسان بو حليقة

«ياحليل» الأمريكان

ليطمئن الجميع فلن تتوقف القنصلية في الظهران ولا السفارة في الرياض عن منح التأشيرات للسفر لأمريكا! نعم تعطلت أعمال الحكومة الأمريكية، أو هكذا يقولون! ولم نشهد توقفاً للحكومة هناك منذ 1995. لكن هل سيشل التوقف الحكومة الأمريكية؟ ستجد من يأخذ الأمر على أن الحكومة الأمريكية ستغلق أبوابها فلن يذهب الموظفون إلى أعمالهم ولن يحصل السكان على خدمات، بل هناك من قد يعتقد أنه حتى في وكالة الاستخبارات وأخواتها فسيرمي جواسيسها أجهزة التنصت جانباً ليتوقفوا عن العمل. طبعاً شيء من هذا لن يحدث، فالبريد سيصل والخدمات الضرورية لن تتوقف. وبصورة اكثر جدية، فتوقف الحكومة سيعني تغييب مئات الآلاف من موظفي الحكومة عن أعمالهم، وسيعني تعطل مصالح وتأثر الاقتصاد، فهناك من يقدر أن الأثر الاقتصادي للتوقف بخسائر قدرها مليار دولار يومياً بداية.ما يقومون به هو انتحار سياسي لأفراد تجمعهم وإدخال حزبهم الجمهوري في منطقة انعدام الوزن بأن ينتقم الناخبون منهم. العبرة أن الابتزاز ضعف وليس قوة؛ فهؤلاء لا يمانعون أن ينتحروا وينتهوا في سبيل أن يخسر منافسوهم! أي منطق هذا؟ودون شك سيحدث التوقف إرباكاً للأسواق المالية التي بدأت تتعافى. أما التخوف الحقيقي فهو أن تتعثر الحكومة في سداد مديونياتها المستحقة إذ لم يوافق الكونجرس على رفع سقف الاستدانة الحكومية. لست هنا بصدد الحديث عن كيفية عمل الحكومة الفيدرالية، فما يحدث حقيقة لا يعدو كونه صراع ديكة؛ فهناك تجمع من النواب الجمهوريين يعارض مبادرة الرئيس أوباما للرعاية الصحية ويطالب بإيقاف تمويلها، ولذا قرر ذلك التجمع أن يتخذ موقفاً «انتحارياً»: إما التوقف عن تمويل برنامج «أوباماكير» للرعاية الصحية أو نوقف الحكومة. وبطبيعة الحال، فكل ما يعنيه ذلك أن معظم الأمريكان يشعرون بعدم الرضا لهذه البهلوانيات السياسية غير المجدية على حساب راحتهم، وأنهم أرسلوا نوابا لهم لواشنطن لكي يراعوا المصالح العامة فأخذوا يتنازعون لخدمة مصالحهم السياسية الضيقة، وكنتيجة لذلك تراجع رضا الجمهور عن أداء الجهاز التشريعي (الكونجرس) فهو حالياً دون العشرة بالمائة وفقاً لتقرير نشرته بالأمس قناة سي إن إن. الكثير منا يعرف أنها ليست المرة الأولى التي تتوقف فيها الحكومة الفدرالية، وبالقطع لن تكون الأخيرة، وعلى الرغم من المزايا الكثيرة للديمقراطية، إلا أن العيب هو في المنافسات والمناكفات بين أصحاب وجهات النظر المتعارضة، لدرجة أن الأمر يصل إلى مماحكات «طفولية» من وزن «هدّ وأنا أهدّ» التي كنا نمارسها ونحن صبية في الأزقة والحارات. أما الأمريكان فسرعان ما أطلقوا تسمية على تجمع النواب ممن كانوا خلف هذه الفكرة التصارعية القائمة على أخذ برنامج الرعاية الصحية كرهينة ، فحالياً يعيرونهم بأنهم «الفريق الانتحاري»، وبالفعل ما يقومون به هو انتحار سياسي لأفراد تجمعهم وإدخال حزبهم الجمهوري في منطقة انعدام الوزن بأن ينتقم الناخبون منهم. العبرة أن الابتزاز ضعف وليس قوة؛ فهؤلاء لا يمانعون أن ينتحروا وينتهوا في سبيل أن يخسر منافسوهم! أي منطق هذا؟