د. جاسم الياقوت

الاستثمار الرياضي بين الواقع والمأمول

الاستثمار والتسويق الرياضي أصبح يلعب دوراً مهماً وحيوياً في تطوير الرياضة وهو واحد من أهم الأدوات الاقتصادية ذات النفع الكبير والمردود الايجابي نحو بناء استراتيجية رياضية مستقبلية ترتكز عليها المؤسسات الرياضية لصالح الأجيال القادمة. وإذا عرفنا ان الاستثمار الرياضي في السعودية بين الواقع والمأمول ..يسير بخطوات تنتظر الفرج في ظل التغيرات المرتقبة في هذا القطاع من خصخصة للأندية.هل ستخصص جميع الاندية الممتازة أو نصفها أو الممتازة والدرجة الاولى. وفي الوقت الحالي يشهد السوق المحلي استثمارات رياضية متواضعة بالنسبة لحيوية المجال الرياضي في المنطقة ، ويتوقع الخبراء والمختصون ان يرتفع حجم الاستثمار الرياضي الى نحو 20 مليار ريال في حال خصخصة الاندية السعودية وهذا ما نتمناه.الحقيقة لا يمكن أن نلوم المؤسسات العربية والخليجية التي اتجهت غربا وتجاهلت الكرة العربية الافريقية التي يظل الاستثمار الرياضي فيها شبه معدوم، نظراً للبطء في عملية خصخصة واستثمار الأنشطة الرياضية، في منظومة رياضية لم تزل حتى الآن تعقد اللجان والمؤتمرات دون اراء صريحة تدعم الموقف الرياضييساعد الاستثمار والتسويق الرياضي الأندية بتنمية مواردها لان الاستثمار في مجال الرياضة أحال واقع بلدان إلى النمو والتطور. إن إدارات الأندية مشغولة بالنشاط اليومي لفرقها من منافسات ومشاكل لاعبين إضافة إلى بعض الاستثمارات الناجحة في الاندية مثل الهلال والاتحاد والنصر والاهلي . الطريقة الاستثمارية التي تدار بها الأندية خطأ في خطأ ينقصها الفكر والعلم بإدارة هذه المشاريع الرياضية لزيادة مداخيل الأندية، وما يحدث هو هدر للمال ولا توجد أي رؤى واضحة، وإذا غاب الفكر الاقتصادي زاد الهدر المالي في الأندية. ولابد من وجود رجل صاحب فكر اقتصادي في عضوية مجالس إدارات الأندية يسير بها نحو طرق استثمارية أفضل وبطرق علمية صحيحة.حين نستعرض التجارب العالمية الناضجة  (التجربة الاستثمارية لأندية الدوري الأوروبي )على سبيل المثال سوف يتضح بشكل أكبر الفارق في المفهوم والتطبيق ما بين الممارسات العربية في مقابل تطبيق مفهوم الاستثمار الرياضي بشكل ناضج ما يجلب الملايين بل المليارات من المكاسب المالية.ومن المعروف أن أندية الكرة الأوروبية مملوكة لأفراد وشركات، بل ان الأمر الذي قد لا يعرفه الكثير  أن بطولة الدوري الإنكليزي مثلا خاضعة لسيطرة إدارة محترفة لا علاقة لها بالإتحاد الإنكليزي لكرة القدم الذي تتلخص أدواره في الإشراف على المنتخبات الكروية وليس الأندية، فضلاً عن تدخله في بعض الأحيان لفرض تطبيق قوانين معينة مرتبطة بالانضباط داخل الملاعب وغيرها من الأمور البعيدة عن الإدارة المالية للبطولة الأقوى والأغنى على مستوى كل دوريات العالم .بحيث ان المكاسب المالية التي تحققها الشركات أو الأشخاص الذين يمتلكون تلك الأندية من حقوق البث التلفزيوني، والرعاة والإعلانات التجارية التي تحقق عوائد مالية ضخمة لتلك الأندية، فضلاً عن الاحترافية في شراء وبيع عقود اللاعبين  يحقق مكاسب هائلة لتك الأندية، حيث أصبح من المسلم به أن المستديرة في أوروبا على وجه التحديد وفي دوريات إنكلترا وإيطاليا وأسبانيا وفرنسا بشكل خاص، أصبحت كرة القدم صناعة اقتصادية كبيرة، وليست مجرد لعبة رياضية يتعلق بها ملايين البشر . حسب الإحصائيات الأخيرة فقد اتضح جلياً ارتفاع أسهم الكثير من الشركات الرائدة التي توجهت بقوة كبيرة نحو الاستثمار في المجال الرياضي انطلاقاًَ من شركة «طيران الإمارات» والتي تعتبر الشريك الأكبر للفيفا على المستوى العالمي والدولي، حيث وقعت شركة طيران الإمارات مؤخراً عقداً مع الاتحاد الدولي لكرة القدم»الفيفا» بقيمة 195 مليون دولار أميركي، يتيح لها صفة «شريك رسمي للفيفا»- وهي أعلى مستوى لشركة راعية مع الاتحاد الدولي  لكرة القدم في مختلف البطولات التي يشرف عليها الفيفا، خلال الفترة من 2007 حتى 2014، بما في ذلك بطولتا كأس العالم لعامي 2010 و2014.بالإضافة إلى أنها وقعت أيضاً، في أكتوبر عام 2004، عقد رعاية مع فريق الأرسنال بقيمة 100 مليون جنيه استرليني، ووقعت مؤخرا عقد رعاية مع فريق ريال مدريد الأسباني يستمر لعام 2018 فيما يعتبر أكبر عقد لرعاية فريق في تاريخ كرة القدم. الحقيقة لا يمكن أن نلوم المؤسسات العربية والخليجية التي اتجهت غربا وتجاهلت الكرة العربية الافريقية التي يظل الاستثمار الرياضي فيها شبه معدوم، نظراً للبطء في عملية خصخصة واستثمار الأنشطة الرياضية، في منظومة رياضية لم تزل حتى الآن تعقد اللجان والمؤتمرات دون اراء صريحة تدعم الموقف الرياضي مما جعل دخول أية شركة إعلانية أو اقتصادية أو تجارية صعب التحقيق كلية . المهم الاستفادة ودراسة التجارب العالمية في هذا الاتجاه أو التجارب الآسيوية الناجحة مثل اليابان وكوريا لتطبيق احتراف سليم.فالطابع العام للخصخصة لا يسمح فقط بإعادة تشكيل أساسيات المؤسسة الرياضية بل انه يتجاوز ذلك ليكون السبب الأساسي في إيجاد فرق قوية مدعومة. الأمر الأبرز بالنسبة للألعاب الأخرى سواء أكانت فردية أو جماعية خلاف كرة القدم يحتم علينا أن نفكر بفصل هذه الألعاب عن أندية كرة القدم حيث تطغى أندية كرة القدم عليها بالرغم من عدم حاجة تلك الألعاب لأموال ضخمة أو مساحات كبيرة وبالتالي بات عليها التفكير في فصل هذه الألعاب وإقامة أندية مستقلة لها، وكذلك التفكير في إلزام الشركات بتبني الأنشطة الرياضية وإقامة دوري للشركات في جميع الألعاب الرياضية. في النهاية نقول إن الأفكار في الاستثمار الرياضي كثيرة والأموال كثيرة ولكن المهم كيفية التصميم والتنفيذ والتطبيق على ارض الواقع.