د. مبارك الخالدي

أشياء كثيرة لا تليق بمكانتها يامعالي الأمين

ليس وضع الطرق وحده الذي «لا يتناسب مع مكانة المنطقة حضاريا وسكانيا وسياحيا»(اليوم، 15 رجب1434). فثمة أشياء كثيرة لا تليق بها وتشوه صورتها في عيون أهلها وعيون «القاصي والداني» يامعالي أمين الدمام.  إنني لا أحملك ،هنا، المسئولية عن وجود  هذه القباحات التي تعاني منها المنطقة، و لا أضع المسئولية على كاهل الأمانة وحدها؛ هناك أطراف أخرى تتقاسم عبء المسئولية عن وجود تلك الأشياء التي لا تليق بمكانة المنطقة، لكن تلك الأطراف تنجح دائماً في التنصل من المسئولية والإفلات من العقاب والجزاء، في ظل غياب آليات وجهات محاسبة رسمية وشعبية صارمة وذات صلاحيات حقيقية كبيرة ونافذة. لا تستطيع الدمام أن تقف كتفاً لكتف مع دبي، مثلاً، أو الدوحة بطفرتها العمرانية الحضارية الهائلة الحالية، بدون أن تشعر بالخجل و»الانحراج» يتدفقان تيارين ساخنين ومُوتِرَيْن في شرايينها. ليس لدى الدمام ما تتباهى به، ما «تماري به»، في حضرة تلك المدن، ليس لديها ما يميزها ايجابياً عنها، سوى أنها العاصمة التي أخفقت في أن تكون عاصمة تشبه العواصم الأخرى من حولهاالقباحات في المنطقة كثيرة، ولكي لا تبدو المقالة وكأنها «قائمة تَسَوُق»، أنتقل فيها من عرض قباحةٍ إلى أخرى، أكتفي بالكتابة عن وجود بعض القباحات وتجلياتها في الدمام، كجزء  دال ومعبر عن الكل. الدمام حاضرة المنطقة، وعاصمتها الإدارية، وهي فوق هذا عاصمة  على ساحل الخليج العربي، مثلما أن جدة عاصمتها على البحر الأحمر. الدمام،من وجهة نظري، تتساوى في الأهمية مع العواصم والمدن الخليجية الكبيرة، وينبغي أن تضاهيها وتنافسها عمرانياً وحضارياً. لكن الحقيقة المؤلمة هي أنها ليست كذلك. إن الدمام عاصمة المنطقة الشرقية، أم الخير، كما سماها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- تظهر صورتها باهتةً وشاحبةً بالمقارنة مع نظيراتها الخليجية. لا تستطيع الدمام أن تقف كتفا لكتف مع دبي، مثلاً، أو الدوحة بطفرتها العمرانية الحضارية الهائلة الحالية، بدون أن تشعر بالخجل و»الانحراج» يتدفقان تيارين ساخنين ومُوتِرَيْن في شرايينها. ليس لدى الدمام ما تتباهى به، ما «تماري به»، في حضرة تلك المدن، ليس لديها ما يميزها ايجابياً عنها، سوى أنها العاصمة التي أخفقت في أن تكون عاصمة تشبه العواصم الأخرى من حولها. أقيم لما يزيد على عقد من الزمان في حي العزيزية بالدمام. هذا الحي، وبدون مبالغة، أحد الأدلة و الشواهد على اخفاق الدمام في أن تكون كتلك المدن التي أشرت إليها. فإذا كان معالي الأمين اعترف بأن شبكة الطرق لا تليق بالمنطقة الشرقية، فان شوارع هذا الحي، القريب جداً من الكورنيش ومن  الأمانة نفسها، لا تليق بالدمام، حاضرة المنطقة وعاصمتها. العزيزية ليس من الأحياء الجديدة التي عادةً ما تستخدم «جدتها» لتبرير غياب الكثير من المرافق والخدمات عنها. فرغم تجاوز عمره الأربعين سنة، لا تزال المدارس فيه بمبانٍ مستأجرة، وأما عن غياب مرافق الترفيه كالحدائق فحدث ولا حرج. وهذا أمر لا يثير الاستغراب تماماً، فالحي الذي لا ترى الجهات الرسمية المسئولة أن أبناءه يستحقون أن يدرسوا في مباني مدارس حقيقية، لا أعتقد أنهم يرون استحقاقه ولو لحديقة صغيرة.  الحقيقة الثانية، والأكثر إيلاما، هي أن حي العزيزية ليس الاستثناء الذي يجسد حالة شذوذ عن القاعدة في الدمام. ليته كان كذلك ليهون الأمر، ولأقول إن وجود حي واحد بهذه القباحات ليس إلا بثرة صغيرة تكاد لا ترى بالعين المجردة في وجه الدمام الجميل الكبير جداً. من يتحمل المسئولية عن الوضع السيئ في هذا الحي والأحياء الأخرى في الدمام؟ من المسئول عن تخلف الدمام، الحاضرة، العاصمة الشرقية، عن ركب التطور الحضاري والعمراني السريع الذي انضمت إليه جاراتها الخليجية؟ من  المسئول عن وجود الطرق التي لا تليق بمكانة المنطقة الشرقية؟ هل تمت محاسبته ومساءلته ومعاقبته على ذلك؟ من المسئول عن وقوع فأس التخلف والقبح والإضجار  برأس الدمام، ورؤوس المدن الأخرى في المنطقة الشرقية وغيرها؟ لا أحد، لن يوجد من يجرؤ على الإدعاء بأبوة هذا الإخفاق، لأن هذا النوع من الإخفاق ابن أبيه دائماً.