هناء مكي

القوة العمالية تنتفض في عيدها

في عيدهم الـ 123 احتفل عمال دول العالم في الأول من مايو الجاري لهذا العام بطريقة صاخبة، عبر خروجهم في مسيرات حاشدة للمطالبة بحقوقهم التي اختلفت من دولة إلى أخرى على امتداد القارات ضجت بها عنان السماء، في إشارة إلى تردي أحوالهم في كل البقاع دون تمييز، وبين مطالبين بنبذ سياسات التقشف بأوروبا وبين تحسين الأجور وتحسين بيئة العمل التي طالب بها العمال في عموم آسيا، كان الهم واحدا يؤكد الانتهاك الصارخ لحقوقهم في العالم المتمدن الذي يشهد تقدما تقنيا وصناعيا واسعا، انتهت الكثير من تلك المسيرات بمصادمات «بوليسية» ذكرتنا باختيار الأول من مايو عاماً للاحتفال بعيد العمال .يذكر التاريخ ان عمال شيكاغو هم من أسس إلى هذا العيد بعد أن خرجوا في إضرابات واسعة امتدت لمدة أربعة أيام متواصلة أعلنت الحكومة عن مساندتهم والرضوخ لمطالبهم، وتلخصت مطالبهم في تقليص ساعات العمل إلى ثماني ساعات، غير ان اليوم الرابع الذي دعت فيه الحكومة إلى الاجتماع بأهم زعماء ومحركي القطاع العمالي، فاجأتهم بأنها لم تستجب لهم بل  المفاجأة كانت في تدخل القوة الأمنية في اجتماع دعت له بلدية الولاية إذ قام رجال الأمن بمحاصرتهم وإطلاق النار عليهم واعتقال الزعماء والنشطاء، وبعد قصة ظلم طويلة اعدم خلالها سبعة من قادة الإضراب وكان السبب الحقيقي هو انتماءاتهم السياسية، واتخذ الإخلال بالأمن والإضراب ذريعة، حين دست الشرطة مخبريها بين الحشود لنشر الفوضى وقتل عدد من رجال الأمن بقنبلة تم تفجيرها حتى يتسنى لها قلب الحقائق وتجريم المضربين .إلا أن تلك المذبحة في ولاية شيكاغو الأمريكية تعاطف معها العمال الأوروبيون بصورة مباشرة وأدت إلى إحداث قلاقل أمنية وأدت في نهاية المطاف لأن يخضع الرؤساء من حكام وأصحاب نفوذ وملاك وأصحاب مصانع والطبقة الحاكمة ذات الأنفة لمطالب العمال ليس في أمريكا وحدها بل في العالم.المفارقة أن اليوم العالمي للعمال الذي اتخذ من أول يوم لمضربي العمال الأمريكيين في ولاية شيكاغو المصادف للأول من مايو يحتفل به عمال العالم جميعهم عدا أمريكا التي تتخذ من الخامس من سبتمبر عيداً للعمال، بعد أن اتخذه الاتحاد السوفيتي عيداً له خلال حربهم الباردة .القوة العمالية تنبهت لها الدول الصناعية أكثر من غيرها وأعطتها حجمها الطبيعي وبرز العمال في الأدوار السياسية حتى أصبح لهم أحزاب تحكم الدول، ولعل حزب العمال الانجليزي أبرزها.لا أحد يستهين إطلاقاً بالقوة العمالية في أي مكان وأي عمل، لا أحد يمكن أن يغض البصر عن الدور الكبير والعظيم الذي تقوم به القوة العمالية لتحقيق مكاسب عمالية أو سياسية أو خدمية، فقد كان لها الفضل على امتداد التاريخ في إزالة إمبراطوريات وتغيير أيدلوجيات سياسية واسقاط أنظمة .