د.أمل عبدالله الطعيمي

الخوف من الثقافة

يكاد كل نشاط ثقافي توعوي ألا يمر بسلام من براثن العقول المتوحشة التي تدعي بأنها تجنح للسلم وخصائص الإسلام، وهي بعيدة كل البعد عن حقيقة تلك المعاني والقيم السامية، فكل توجه رسمي أو شعبي يتجه للتنوير والتنوع الثقافي يوصف من قبل تلك الجماعات بأنه فسق وفجور وإخلال بالدين. في حين يصبح القتل وحمل السلاح ضد المسلم حلالاً طيباً وهم يعرفون في حقيقتهم مهما ادعوا بأن الهدف ليس الدين.لم تكن ثورتهم ضد برناج الابتعاث من أجل الدين بل خوفاً من أثر الانفتاح على الآخر وهو باب فتحه الابتعاث على مصراعيه ولم يعد الأمر مقصوراً على الكتب وشاشات التلفزيون والمواقع الإليكترونية فالابتعاث هو التعايش، هو التفاعل مع ثقافات أخرى وأديان أخرى فما الذي يخيفهم ؟ من ذلك طالما أن المبتعثين لم يبتعثوا إلا بعد أن دانوا بالوحدانية وعرفوا الدين بكل علومه فهو متمكن في الصدور والعقول وإن فسد السلوك وارتكبت المعاصي وهذا حال يقع فيها من هو خارج البلاد ومن بيته أمام باب المسجد وفي أرضه، ولم تكن حروبهم ضد النوادي الأدبية في بعض المناطق من أجل الفضيلة بل أيضاً خوفاً على العقول. تلك العقول التي تأثرت بآرائهم التي تجنح للعداء والانغلاق بما يخالف شريعة الله في خلقه؛ تلك العقول التي اهتزت صورها فيهم فما عادت تمنحهم كل الثقة كما كانوا يفعلون من قبل. إن الخوف من انهيار كذبتهم الكبرى هو الذي دفعهم لكل ذلك ويدفعهم اليوم للزج بالنساء والأطفال في معركتهم الخاسرة كورقة أخيرة يلعبون بها قبل أن يعلنوها صراحة بالدعوة للجهاد وحمل السلاح ضد إخوتهم في البلد نفسه وهذا للأسف ما سمعناه جميعاً من الربيش القاعدي الذي بثت العربية تسجيلاً له !!

إن الخوف من انهيار كذبتهم الكبرى هو الذي دفعهم لكل ذلك ويدفعهم اليوم للزج بالنساء والأطفال في معركتهم الخاسرة كورقة أخيرة يلعبون بها قبل أن يعلنوها صراحة بالدعوة للجهاد وحمل السلاح ضد إخوتهم في البلد نفسه وهذا للأسف ما سمعناه جميعاً من الربيش القاعدي الذي بثت العربية تسجيلاً له !!كانت حروبهم تسري خفية من حيث لا تترك أثراً واضحاً لهم فهم يقفون خلف كل منع لكل عمل ثقافي توعوي لا يمس الدين ولا يسيء له وللأسف كانت بعض الجهات تستسلم له خوفاً من الصاق تهمة البعد عن الدين بهم. إن الاستعراض لنشاط الجامعات على سبيل المثال والبعيدة كل البعد عن المسرح والسينما والطرب - وهي أمور ترعبهم - يجعلنا نكتشف حجم الرعب الذي أوجدوه في العقول فأنت ترى أن ٩٩٪ من تلك الأنشطة دينية متكررة عرفها طلاب الجامعات في المراحل الابتدائية و١٪ انشطة أخرى أغلبها مرتبطة بالمناهج التعليمية ولكننا لم نسمع يوماً جامعة ما استضافت محاضرات ثقافية عامة لأن كلمة ثقافة صارت تجسيدا حرفيا للرعب!تقول إحدى الأستاذات الجامعيات حينما كانت مسؤولة عن الأنشطة تقدمت بفكرة المقهى الثقافي حيث تستضيف فيه بعض الكتاب -من الرواد  في مجالهم ومن كل الأجناس الأدبية والعلمية - في جامعتها وحصلت على الموافقة والميزانية ولما جاءت بعدها أخرى نسفت تلك الفكرة واستبدلت بكل ما هو هزيل من الأنشطة وهي أنشطة لا تسمن ولا تغني من جوع بل هي أنشطة تعيبها الطالبة وتعرف فقرها وتشعر بهزالها وعدم ملاءمتها لعقلها !! من هنا أرى أن الاستسلام الجماعي لأصحاب الفكر المتشدد كان خطأ فادحاً وقعنا فيه كمجتمع لأننا كنا نخاف من اتهامهم لنا بالفسق والفجور وهانحن اليوم ندفع الثمن من عقولنا وسكينتنا وأتمنى ألا ندفعه يوماً من وطننا.