د. نعيمة الغنام

قمة، توصيات، وماذا بعد ؟

تحت عنوان عريض « العالم الإسلامي – تحديات جديدة وفرصة متنامية «  انعقدت القمة الإسلامية بالقاهرة وسط سحب الدخان حول قصر الاتحادية الذي اكتسب شهرة عالمية غير مسبوقة، وبدون اهتمام إعلامي يليق بالقمة نظراً لكثافة أخبار الاحتجاجات الشعبية بالعديد من مناطق مصر، حتى المساحة الإعلامية الممنوحة للمؤتمر استهلك أغلبها الجدل حول زيارة  الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للأزهر الشريف وضريح الحسين وسط القاهرة، ومحاولتي التعدي عليه من لاجئ سوري بالمرة الأولى ومواطن مصري بالمرة الثانية، ووسط حالة التجاهل غير المقصود إعلامياً خرجت التوصيات التي ركزت على محاور الصراع الأساسية  في سوريا، ومالي، وفلسطين بالطبع، وجاء البيان الختامي بصياغة عامة تتجنب بقدر الإمكان مدى الخلافات بين المشاركين حول التحديات الجديدة، فالموقف الإيراني من الثورة السورية ودعمه المطلق لسلطة بشار يتناقض بلاشك مع موقف غالبية البلاد الإسلامية شعوب الدول الإسلامية تعاني من مشكلات معقدة ما بين الفقر من جهة والإحساس بالتهميش من جهة أخرى، ولم تعد البيانات الدبلوماسية تقنعهم كما كانت سابقاً، هم بحاجة لرؤية واضحة وموحدة ضد الظلم، ربما لذلك لم تلق القمة الاهتمام المعتاد، كثافة الأخبار الأخرى تعكس واقعاً مريراً، هو شرخ يتسع بجدار الثقة،وبالقلب منها الدول العربية، وبعيداً عن رومانسية وحدة الأهداف الإسلامية التي نحلم بها، المصالح هي التي تحدد المواقف أو بمعنى أدق رؤية كل بلد لمصالحها حتى لو كانت تتعارض مع مصلحة شعوبها، فالموقف من مالي مثلاً لم يشهد خلافاً يذكر، فالشكل الحالي للحركات الإسلامية المسلحة صار عبئاً لا يمكن احتماله أو تبرير أفعاله، كما أن المصالح المباشرة مع البلد القابعة بأقصى غرب إفريقيا ليست حيوية بحيث تؤثر فى الموقف من الصراع المحتدم حول شكل السلطة داخل البلد المستقر ديمقراطياً منذ عقود، جاء البيان بإدانة واضحة للمجموعات المسلحة التي تفرض رؤيتها ومنهجها المتطرف على شعب مالي، أما دعم فلسطين والتأكيد على المبادئ الراسخة، فقد تكرر كثيراً بالتوصيات والمقررات السابقة، ولنا أن نسأل: كيف ستتعامل الدول الإسلامية مع التحديات فى ظل خلافات المصالح؟ وما هي الفرص المتنامية التى استغلتها القمة؟ باستثناء التأكيد على دعم الشعب السوري خاصة اللاجئين، لم تعط القمة لشعوبها إجابات واضحة حول التحديات والفرص، وبالاعتراف بصعوبة تحديات المرحلة خاصة بسوريا إلا أن القضية تركت بالفعل لعامل الوقت كي يحسمها وسيكون ذلك بالتأكيد على حساب الشعب السوري الذي يدفع يومياً أعداداً مرعبة من الشهداء، إن شعوب الدول الإسلامية تعاني من مشكلات معقدة ما بين الفقر من جهة والإحساس بالتهميش من جهة أخرى، ولم تعد البيانات الدبلوماسية تقنعهم كما كانت سابقاً، هم بحاجة لرؤية واضحة وموحدة ضد الظلم، ربما لذلك لم تلق القمة الاهتمام المعتاد، كثافة الأخبار الأخرى تعكس واقعاً مريراً، هو شرخ يتسع بجدار الثقة، فالقلوب المعلقة بالشعب السوري تعبت من كثرة الدماء، والعقول المجهدة من الفقر تجنح للتطرف وتطرح العنف كبديل، كان على القمة أن تعدل ميزان المصالح لتكون مطالب الشعوب هي محور القرارات وآليات التنفيذ العاجلة والشفافة، الفرص المتاحة موجودة بالفعل وبوفرة، لكن الخلافات هي التي قادت القمة، الفرص تهدر كل يوم للتقارب بل والتوحد الممكن لو صدقت الإرادة، الشعوب تنفصل أكثر مع كل مؤتمر وكل قمة حتى اقتربت من التجاهل التام، وأمام القمة القادمة طريق واحد هو إعادة صياغة المنظومة بأكملها فى ظل رؤية عامة للتحديات، صياغة تقوم على مصالح الشعوب وليس مصالح الحكومات.