عبدالله الوصالي

جذور المعضلة الطائفية في سوريا

في زيارته الأولى للجزائر رفض الرئيس الفرنسي الحالي فرنسوا هولاند الاعتذار عن الممارسات الاستعمارية الشنيعة التي ارتكبتها فرنسا إبّان احتلالها للجزائر على ما يقرب من القرن و النصف لكن في الحقيقة أن فرنسا مطالبة بالاعتذار عن الكثير من الممارسات في الشرق العربي و بالذات في سوريا.وحين نسمع خوف العالم الغربي من حرب طائفية أو دويلة علوية على الساحل، و عندما تأتينا التقارير من ذلك المسئول و هذا المسئول الغربي عن حرب أهلية ذات طابع طائفي نتذكر أن الذي كرس الحالة الطائفية و العرقية في المنطقة كانت دولتان غربيتان هما بريطانيا و فرنسا و في هذا الشأن فالدور الفرنسي كان ضالعا بصورة أكبر في موضوع سوريا بعد طرد الأتراك و انحسارهم في مناطقهم الجيوسياسية الأصلية.بعد طرد العثمانيين سنة 1917م من دمشق عمل الفرنسيون و البريطانيون من اجل تقوية تلك الأقليات العرقية والمذهبية و محاولة تقطيع أوصال المنطقة بزرع الأقليات كحدود بين الأكثرية الكبرى فتم قطع سوريا الكبرى إلى 6 مناطق فلواء الاسكندرون ضم إلى تركيا و تم تقسيم جنوبها إلى منطقتين الأردن و فلسطين التي وعدت بها بريطانيا العرب و إسرائيل في الوقت نفسه اما شرقها؛ الموصل فقد ضم إلى الاحتلال البريطاني كجزء من العراق وتم تجزئة الباقي إلى سوريا الحالية و لبنان.و العودة إلى سوريا الحالية فقد كانت فرنسا بخبرتها المؤلمة من استعمار تونس و الجزائر قد اكتسبت عداءً للمكون السني الكبير في تلك الدول وجاءت وهي تحمل كل تلك الضغينة و حاولت بكل ما تستطيع صنع ولاءات لها  بين الأقليات العرقية و المذهبية بغرض اجهاض أي محاولة لصعود القومية العربية في وجه المستعمر.أعطت للعلويين في اللاذقية و للدروز في جبل الدروز أحقية مخاطبة سلطة الانتداب الفرنسي فاصلة تلك المناطق من التعامل مع المركز في دمشق العربية السنية. وجعلت جميع الأقليات، في تفرقة واضحة، وان يدفعوا ضرائب أقل مقارنة بالأكثرية السنية في الوقت الذي تشهد مناطقهم تطويراً و تنمية أكثر من مناطق الأكثرية السنية. وشجع المحتل الفرنسي التعاقد مع أفراد الأقليات كدركيين ضمن سلطات الاحتلال والتفتيش في مناطقهم و بينما كانت دمشق معقل السنة مقموعة بواسطة قوات سنغالية بالتعاون مع مكون اثني سوري كالعلويين و الدروز والأكراد.من هنا نرى عدم الثقة من أي تدخل أجنبي في المنطقة فلسان حال العرب يقول:» كيف أعاودك و هذا اثر فأسك».قد لا يمكن العودة إلى سوريا الكبرى بوضعها التاريخي لكن وعي الشعب السوري بهويته و نبذه لكل مخلفات الاستعمار و التدخل الأجنبي البغيض هو المعقل و المآل الذي نتمنى أن يعيه جميع أبناء سوريا بمختلف طوائفها و من حولهم من الشعوب العربية فالحالة السورية قد تعدت الآن كونها شأنا داخليا إلى وجدان العرب و المسلمين.