عبدالوهاب أبو زيد

ربيع البوكر

لن أخفي أنني ابتهجت بخبر فوز الروائي اللبناني ربيع جابر بجائزة البوكر الأسبوع الماضي، فهو واحد من أهم الأصوات الروائية العربية «رغم صغر سنه فهو من مواليد 1972» التي استطاعت أن تشق لها طريقاً خاصاً في غابة الأسماء الروائية العربية المتكاثرة.

 وليسمح لي القارئ الكريم أن أشير إلى أنني كتبت عنه هنا في هذا المكان قبل ثلاث سنوات في زاوية حملت اسمه كعنوان لها. ولا شك أن هناك كثيرين غيري ممن يعرفون ربيع جابر كروائي بارز ممن خالجهم نفس الشعور بالبهجة وهم يرون واحداً من كتابهم المفضلين يحظى بتقدير وتكريم هو أهل لهما ولا ريب. غير أنني أتخيل «وسأزعم» أن ربيع جابر نفسه لم يشعر بذات القدر من البهجة بفوزه بالجائزة المرموقة، وأن مزيجاً من المشاعر المختلطة وربما المتناقضة قد اعتمل، وربما لا يزال، في نفسه.

واجه المصورون صعوبة كبيرة في التقاط صورة مباشرة له يكون فيها نظره موجهاً لعدسة الكاميرا في حفل الإعلان عن فوزه بالجائزة وفي المؤتمر الصحفي الذي أعقبه.

سبب ذلك هو أن الصخب الإعلامي والأضواء الاحتفائية التي عادة ما ترتبط بأجواء الجائزة والتي أصبح هو في مركزها الآن تخل إخلالا كبيرا بنمط حياته وتقتحم عليه عزلته التي اعتاد الاحتماء بجدرانها من صخب العالم وضجيجه الذي ما برح يتعاظم وتعلو نبرته. ومن يعرفون ربيع جابر، أو يعرفون عنه يدركون أنه كاتب مترهب في محراب الكتابة لا يأبه بشيء سواها ولا ينشغل بغيرها عنها، وهو زاهد كل الزهد في أضواء الشهرة الزائفة منصرف عنها إلى صميم همه واهتمامه الحقيقي وهي الكتابة، فلا ترى له لقاء متلفزاً على هذه المحطة أو تلك، ولا تقرأ له حواراً صحفياً هنا أو هناك. كما أنه ليس من السهل العثور على صور فوتوغرافية شخصية له، وكأنه يصر على أن يبقى في ذاكرة ومخيلة قرائه كائناً ورقياً فحسب كما يقول عنه الشاعر والكاتب عباس بيضون. وحسب ما ورد في تغطية صحيفة الحياة لخبر فوزه بالجائزة، واجه المصورون صعوبة كبيرة في التقاط صورة مباشرة له يكون فيها نظره موجهاً لعدسة الكاميرا في حفل الإعلان عن فوزه بالجائزة وفي المؤتمر الصحفي الذي أعقبه. هناك من يقول إن على الكاتب أن يسعى جاهداً ليسوق منتجه الإبداعي وأنه ما من ضير في ذلك، غير أن ربيع جابر يأتي ليعلمنا ويذكرنا أن اهتمام الكاتب الحقيقي يجب أن ينصرف إلى تجويد  منتجه الإبداعي أولاً وأخيراً وأن ذلك كفيل بحد ذاته لأن يوصله إلى الشهرة والمجد حتى وإن كان زاهداً فيهما راغباً عنهما.