محمد هجرس

من سيحكم مصــر؟!

هكذا سألتني مذيعة الإذاعة المصرية، في برنامجها الأسبوع الماضي، وهي تتوقع أن تكون إجابتي بتفضيل أحد المرشّحين الحاليين، دون أن تدري أن هناك معياراً آخر، هو «الأنسب»، على رأي صديقي المهندس يحيى شكرى، الخبير في علم الاستثمار البشري والتدريب. القراءة المنطقية للتاريخ تحديداً، تقول إن مصر وعبر أكثر من سبعة آلاف سنة لم تحكم إلا عن طريقين: العسكر، أو الأجنبي.. الحاكم أو المحتل، ما عدا حالات شاذة للغاية لا تؤخذ مقياساً.. ربما صدمت الإجابة المذيعة الشابة، لهذا وصفتني بالتشاؤم!.ومع ذلك، فإن المتابع لواقع ثورة 25 يناير الأخيرة، وإفرازاتها على الأرض، يجعل من الصعب جداً، التنبّؤ بمن يفوز من المرشّحين المحتملين للرئاسة، ذلك أن الثورة لم تكن لها أجندة وقادة حقيقيون، ولكنها جاءت كأي ثورة في التاريخ، لا بد أن تحدث إذا تحقق شرطان: الاستباحة، والاستحلال، كما أن الوجوه القديمة أو الجديدة، لم تحصل بعد على قناعة راسخة في الشارع المصري، مع وجود أسماء محترمة كثيرة، لها رصيدها السياسي. الأكثر من هذا أن ظهور التيّار الإسلامي بهذه الكثافة، وتشرذمه، مع وجود تشكيلات لما يُعرف بالفلول، يضيف صعوبة في قراءة الخارطة المقبلة،يقول المثل الصيني: «ليس مهمّاًً لون القط، المهم أنه يستطيع أن يأكل الفأر» والفأر في مصر يأخذ أشكالاً عدة، من البطالة إلى العشوائيات، مروراً بالفقر، والبلطجة وحتى الفساد الذي استشرى وأصبح قانوناً عاماً، وموروثاً ثقيلاً.. دعونا نعترف بأنه لا شخصاً بعينه من كل هؤلاء المرشحين، قادر على مواجهته، دون أن يكون مدعوماً بمؤسسة ما..ولكن.. يظهر سؤال آخر، يأتي في أعقاب نتائج الانتخابات التونسية الأخيرة، التي أوصلت إسلاميين إلى الحكومة لأول مرّة في تاريخ تونس، ليصبح في المقابل: هل بالتالي يصل الإسلاميون إلى تشكيل حكومة في مصر، قياساً بتجربة البلدين، وثورتيهما المتعاقبتين، دون أن نغفل مثلث تونس/ مصر/ ليبيا، وما يعنيه ذلك من احتمالات وجود حكم ذي صبغة إسلامية لأول مرة في هذه البلدان؟قد يقول قائل: إن الخصوصية المصرية، لها مناعة ضد ذلك، لكن هذه الخصوصية سقطت، مثلما سقط كثير من الخصوصيات التي تمّ التشدُّق بها، وظنّ أصحابها أنهم محصّنون، ليلقوا الطرد، أو المحاكمة أو القتل، فيما خصوصيات أخرى، في اليمن وسوريا تنتظر دورها في مسلسل السقوط.  نعود للسؤال: من سيحكم مصر عقب سقوط مبارك؟القارئ للوضع برمّته، لا تفُتْهُ ملاحظات يتمّ تمريرها بهدوء، فمشهد «المشير» بالزي المدني لأول مرة، يصافح مواطنين، كان بالون اختبار لقياس الرأي العام، تعقبه حالياً حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعم ترشيح المشير ليكون رئيساً لمصر، معنى ذلك أن «المدافع» القادم من الخلف هو القادر على إحراز الهدف، رغم وجود عشرات المهاجمين أمام المرمى، ليصرخ المشاهدون في الملعب. ليس هذا فقط، بل إن الجيش هو المؤسسة الوحيدة تقريباً في مصر، التي ـ رغم طبيعتها العسكرية ـ لها العديد من التشعُّبات داخل الحياة المدنية المصرية، عبر استثمار جهودها في العديد من المشاريع العملاقة المرتبطة بالهمِّ اليومي المصري.. من مخابز وطرق وأنفاق وجسور ومزارع، وغيرها، كما أنها الأكثر استقراراً وولاءً وحفاظاً على أبنائها الذين باتوا يشكّلون طبقة في حد ذاتها.***يقول المثل الصّيني: «ليس مهمّا لون القط، المهم أنه يستطيع أن يأكل الفأر» والفأر في مصر يأخذ أشكالاً عدة، من البطالة، إلى العشوائيات، مروراً بالفقر، والبلطجة وحتى الفساد الذي استشرى وأصبح قانوناً عاماً، وموروثاً ثقيلاً.. دعونا نعترف بأنه لا شخصاً بعينه من كل هؤلاء المرشّحين، قادر على مواجهته، دون أن يكون مدعوماً بمؤسسة ما..وهكذا تكون الإجابة، مرتبطة بالتوصُّل إلى القط أولاً.. لنعرف من سيحكم مصر..؟لا يهم أن يلبس هذا القط «بدلة»، أو أن يلبس «ميري»...ارجعوا إلى التاريخ «وافهموها بأة»؟!