طلال الشمري - دمشق

245 حالة طلاق مسجلة بالسفارة والأطفال أبرز الضحايا

العمل الدبلوماسي لا يختص كله بالسياسة، والسفارات المنتشرة في أنحاء العالم، والسفارات لا تولي اهتمامها فقط للنواحي السياسية والعلاقات الدبلوماسية التي تربط بين البلدان والأنظمة وإنما تهتم أيضاً برعاية مصالح المواطنين في الخارج، والسفارات السعودية شأنها شأن غيرها من السفارات تعنى بمواطنيها أينما كانوا وذلك بمساعدة ودعم جمعيات سعودية مثل جمعية «أواصر»، والتي تعنى بالأسر السعودية المنقطعة في الخارج.

« اليوم» ومن منطلق اهتمامها بالمواطن السعودي ومتابعتها له أينما كان تفتح ملفا عن جهود السفارة السعودية في سوريا، باعتبارها وجهة سعودية محببة طوال العام، وفي هذا الملف نستعرض المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها السعوديون في الخارج وأبرزها حالات الأطفال المولودين لآباء سعوديين وأمهات سوريات والذين يذهب معظمهم ضحية الخلافات بين الراشدين، وفي زحمة الدنيا قد ينسى البعض أنهم سعوديون من دمنا ولحمنا، ولكن إذا تنكر لهم آباؤهم، فإن السفارة بدعم من القيادة  لا تنسى مواطنيها الصغار الذين لا ذنب لهم في أخطاء الكبار وقضايا إثبات النسب. وحول هذه المسألة أجرينا حوارا مع مسئولين ومواطنين كانوا ضحايا لتلك المشكلة الاجتماعية.245 حالة:بداية قال فيصل القحطاني المسئول في السفارة السعودية في دمشق ان البيانات المتوفرة لدينا تفيد بوجود عدد كبير من حالات الزواج والطلاق والمشكلات المرافقة لها لافتاً إلى ان عدد حالات الطلاق المسجلة في السفارة حتى الآن بلغ 245 حالة. وأوضح القحطاني ان من بين أبرز الأسباب التي تنهي بعض تلك الزيجات بالطلاق الفارق في السن أو عدم رضا الزوجة السورية المتزوجة من سعودي عن طبيعة الحياة في المملكة، عدا عن بعض حالات سوء المعاملة أو مشكلات كتعاطي المخدرات وغيرها. وقال القحطاني رداً على سؤال حول أغرب حالات الطلاق التي صادفت السفارة،قال: "حدثت منذ حوالي خمسة أشهر ومفادها أن إحدى النساء حملت اثر اعتداء ابن زوجها عليها والذي أنكر تلك الواقعة واتهمها بأنها تقيم علاقات مع بعض الرجال فطالبت المرأة بتحليل الحمض النووي لإثبات نسب مولودها. وأضاف القحطاني : "المرأة طلقت وتم منح المولود بيان ولادة وتسجيله على اسم زوجها الذي أجرى عملية إزالة "البروستات" منذ بضع سنوات ولم يكن لديه قدرة على الإنجاب.وعن مقدار الفرق في العمر بين السعودي والفتاة السورية في الحالات التي شهد فيها الزواج فشلاً نتيجة الفارق في العمر. قال القحطاني ان معظم البنات السوريات تتراوح أعمارهن بين 13-14 عاماً في حين يكون عمر الزوج 70 عاماً مشيراً إلى ان السلطات السعودية لا تحدد سناً للزواج وبالتالي لا يمكنها أن تعترض على تلك الزيجات.مقدار الفرق في العمر بين السعودي والفتاة السورية في الحالات التي شهد فيها الزواج فشلاً نتيجة الفارق في العمر. قال القحطاني ان معظم البنات السوريات تتراوح أعمارهن بين 13-14 عاماً في حين يكون عمر الزوج 70 عاماًحضانة الأبناء :وتابع : إن من بين المشكلات الناجمة عن الزيجات غير الناجحة حضانة الأولاد إذ إن القانون في سوريا يسمح بحضانة الولد حتى سن الثالثة عشرة والبنت حتى سن الخامسة عشرة على أن تنتقل الحضانة إلى الجدة أم الأم في حال زواج الأم مجدداً، وحول كيفية رفع قضايا الطلاق وكيفية بقاء النساء المطلقات في سورية قال القحطاني :" الجنسية السورية لا تسقط حيث تحافظ الزوجة السورية التي تجنست بالجنسية السعودية على جنسيتها الأصلية وبالتالي فان بإمكانها رفع دعوى طلاق من سوريا بناء على رقم سجلها السوري".زوجات سعوديات :وقال القحطاني رداً على سؤال طرح نفسه حول وجود مطلقات سعوديات من أزواج سوريين فقال : " النسبة قليلة جداً وربما لا يتجاوز عددها 5 حالات وهن متجنسات بالجنسية السورية بعد زواجهن من سوريين، ويرفضن الرجوع إلى السعودية عقب الطلاق لأنه لا أهل لهن هناك، ويفضلن البقاء مع أهلهن في سوريا".جهود أواصر:من جانبها قالت سعاد الرويلي المسئولة عن تسجيل المستفيدين من جمعية "أواصر" و صرف الإعانات في مقر السفارة السعودية في دمشق ان عدد المستفيدين من الجمعية 271 حالة منوهة إلى ان المبلغ الذي يصرف للمستفيدين يصل إلى 1840 ليرة سورية ما يقارب من 135 ريالا سعوديا وهو مبلغ يصب ضمن الجهود الإنسانية. وأشارت الرويلي إلى تذمر الكثيرين ممن يستفيدون من إعانات "جمعية أواصر" متذرعين بأن المبالغ التي تصرف زهيدة جداً ولا تغطي نفقاتهم واحتياجاتهم مشيرة إلى وجود حالات تحت خط الفقر. وحول عدد حالات الزواج التي تم تسجيلها في السفارة قالت الرويلي انه تم تسجيل نحو 132 حالة زواج سعودي من سورية خلال العام الجاري عن طريق السفارة بموافقة من الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى 15حالة زواج من سعودي لسورية يرتبطون بعلاقات قربى . وبينت الرويلي ان جمعية «أواصر» تحول المساعدات لحساب مصرفي تابع للسفارة وهنا بدورنا نقوم بتوزيعها تبعاً للبيانات والكشوف المتوفرة لدى السفارة . شروط للمعونة :وحول الشروط التي يجب توافرها في من يستحق المعونة قالت الرويلي ان من بين الشروط أن تكون المرأة مطلقة ولديها أولاد يتملص والدهم من الإنفاق عليهم كما ان هناك أرامل ليس لديهن أي مورد إلا ما يتلقينه من جمعية أواصر لافتة إلى ان نسبة هؤلاء النساء بلغت 70 بالمائة. وأضافت: إن هناك العديد من الحالات الإنسانية المؤثرة التي تصادف الجمعية والتي يدمي القلب بعضها، وتتولى جمعية أواصر رعايتها مثل حالات نساء سوريات متزوجات من سعوديين ولديهن أطفال لا ينفق آباؤهم عليهم ما يضطرها الأمر إلى العمل في تنظيف الشقق وأدراج المباني السكنية لتؤمن مصروفها ومصروف عائلتها. وقالت ان الدعم المادي المقدم من جمعية "أواصر" قليل وغير كاف ولا يسد الحاجة.200 «أواصر» تقدم 200 ريال مساعدة لا تكفي شيئا قصص وحكايات :«اليوم» رصدت أيضا اعترافات مواطنين سعوديين يقيمون في سوريا فقالت أريج بالحارث البالغة من العمر "27" عاماً وهي مطلقة وأم لطفل من أب سعودي الأصل .. أنا مولودة لأب سعودي من الرياض، وأمي سورية وعدت إلى دمشق منذ سنتين اثر طلاقي من سعودي يسكن في الطائف وقد رفعت قضية نفقة على طليقي علماً ان عقد الزواج تم بموافقة السلطات السعودية وأنا أحتفظ بوثيقة الموافقة كما يتوفر لدي وثيقة إثبات من المحكمة الشرعية إضافة إلى وثيقة إقامة في سوريا، وأوضحت أريج أن أباها لا يعترف بها وأنها حاولت لقاءه في السعودية إلا ان محاولاتها باءت بالفشل معتبرة أن ما يربطها به الاسم وحسب، مفتقدة بذلك حنان الأب الذي لم تذق طعمه منذ ولادتها إذ إن أمها طلقت منذ أن كانت صغيرة وعادت إلى سوريا برفقة ابنتيها اللتين ربتهما فيها مضيفة ان المبلغ الذي تحصل عليه من الجمعية لا يكفي شيئاً.

40 دولاراأما المواطنة ابتهال فترى ان مكافآت "جمعية أواصر" مبالغ ضئيلة لا تتجاوز 40 دولارا للشخص الواحد وهي لا تغطي مستلزمات الطفل فيما قالت ام بلال من الجنسية السورية البالغة من العمر"33" عاماً وهي مطلقة من "زوج" سعودي .. توجهت إلى السعودية لتصديق أوراق ابني الذي يبلغ من العمر 4 سنوات إلا ان والده رفض تصديق تلك الأوراق كما رفض رؤية ابنه الذي لا يعرف حتى شكله وأضافت "أم بلال .. لم يكن لدي أي حل سوى اللجوء للسفارة السعودية وطلب المساعدة حتى أتمكن من تغطية مصاريف ابني وأنا في انتظار اعتراف الأب بولده حتى أتمكن من استخراج وثيقة سفر . ولفتت أم بلال إلى ان السفارة تتعامل معها معاملة حسنة وتبادر إلى تقديم المساعدة . وحول مدى الاستفادة من الجمعية قالت أم بلال إنهم يقدمون مبلغ 3 آلاف ليرة سورية شهرياً للطفل أي ما يساوي 200 ريال سعودي وهذا المبلغ على بساطته مهم لي حالياً كوني لا أمارس أي عمل أو وظيفة وأنا مطلقة ولدي ولد ووالد الطفل لا ينفق عليه لافتة إلى ان المشاكل التي تواجهها مادية فقط. جهود كبيرة :يجدر بالذكر ان جمعيــة "أواصر" تقدم العون والمساعدة للمحتاجين من المواطنين السعوديين المقيمين في الخارج والذين تتوافر مبررات قوية لبقائهم هناك أو تقطعت بهم السبل وفق اللوائح الداخلية للجمعية.  كما تعمل على توفير مستلزمات ومتطلبات إعادتهم للوطن والتنسيق مع الأجهزة الحكومية المختلفة لتوفير الاحتياجات الضرورية واللازمة لمن يعود لأرض الوطن وتقوم بإعداد الدراسات والبحوث اللازمة لدراسة هذه الظاهرة ورفع ما يتم التوصل إليه إلى الجهات الحكومية المختصة. وتصرف الجمعية مبلغا ماليا بصفة شهرية يسمى "إعانة نقدية شهرية" لتكون دخلاً يساعد على اقتناء المستلزمات الضرورية ضماناً لتوفر العيش الكريم للأسر وتحدد مقدار هذه المبالغ بعد إجراء دراسة اجتماعية يقوم بها فريق مخصص من الجمعية لكل أسرة على حدة تمهيداً لتحديد مقدار هذه المساعدات . وهناك سعي جاد من قبل الجمعية لضمان عودة الأسر إلى أرض الوطن حيث إن هذا الأمر يعد الركن الأساسي الذي تسعى الجمعية على الدوام إلى تحقيقه كما يمثل الرسالة السامية للجمعية، وهي ضمان عودة الأسر إلى أرض الوطن ليكونوا أسراً فعالة وبجوار أهلهم وأحبابهم وهنا تأخذ على عاتقها وعلى الدوام زمام المبادرة من خلال تقديم رسالة مفتوحة لجميع المواطنين في الخارج الذين تنطبق عليهم خدمات الجمعية من أن تقوم إعادتهم لأرض الوطن وتأمين السكن ولتوفير الإعاشة وإعانة نقدية شهرية وذلك لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر حتى تتمكن الجمعية من ضمهم مع الجمعيات الأخرى .  كما تقوم الجمعية بالمتابعة مع الجهات المختصة بوزارة الداخلية لحصول أبناء وبنات المواطنين المغتربين على الجنسية السعودية إن لم يحصل عليها وهو مستحق لها مع السعي في مساعدة الفتيات السعوديات في الخارج على الزواج من المواطنين السعوديين كخدمة اجتماعية مبتغاة وللحد من الزواج من الخارج .

 

أم سورية تتحدث لـ «اليوم»

 

معاملات داخل السفارة السورية في دمشق (تصوير:   طلال الشمري)

 

مساعدة أواصر لا تكفي