فهد الحازمي

من الفرد إلى الإنسان

عش رفاهية الروح، أنعش قلبك، .. وغيرها من شعارات اعتدنا قراءتها كشعارات تسويقية لبعض الفعاليات التطوعية، والتي تنبع من خطاب من الواضح أنه يعطي الدافع الفردي هامشاً واسعاً، مما قد يثير بعض الانتقادات، هذا الخطاب ( فرديُ الدافع ) في العمل التطوعي يبدو أنه مُستورد من أدبيات أجنبية لفلسفة العطاء،إذ ليست له أرضية صلبة في ثقافتنا أو ديننا، ذلك لأنه يتم تصوير المعنى في سياق إشباع الحاجات الروحية للفرد، والتي لا يمكن أن تشبعها الماديات ولا النجاحات الشخصية، وذلك عن طريق بذل الخير بدون مقابل، طبعاً لستُ ضد استيراد هذا المعنى بتاتاً، بل أعتقد أننا بحاجة إليه، ولكن يجب علينا أن نتعامل معه بشيء من الحذر خاصة حينما نتحدث عن موجة الفرق التطوعية التي بدأت بالظهور من سنوات قليلة، فهذه الفرق تحظى بضخ مثل هذا الدافع الفردي فيها من غير أن تضع أبعاده أو تبين حدوده، وهنا قد يتساءل البعض .. ما الحاجة الماسة لمثل هذا المفهوم في ظل تراث ديني/اجتماعي يحض على عمل الخير لأجل الإنسان المستفيد؟ وبالمقابل ..هذا الخطاب ( فرديُ الدافع ) في العمل التطوعي يبدو أنه مُستورد من أدبيات أجنبية لفلسفة العطاء، إذ ليست له أرضية صلبة في ثقافتنا أو دينناما المخاطر التي يمكن أن تنتج من الإسراف في استخدام هذا المعنى؟. بداية .. فجمال هذا المعنى يكمن في إعادة بث روح التفاؤل لدى عموم الشباب والفتيات خاصة في ظل عجز بعض  الجمعيات الرسمية عن مواكبة تطلعاتهم .. إذ لا يجدون قنوات متنوعة لممارسة نشاطاتهم ورغباتهم، بل إن كثيراً من سبل الترفيه مغلقة دونهم، وهذا المعنى يمكن أن يحميهم من الوقوع في الإحباط واليأس، لكن .. الجانب المظلم في هذا المعنى هو في تفتيت مفهوم مسؤولية الأفراد تجاه مجتمعاتهم، تلك التي تفرض على الفرد الشروع في حل مشاكل مجتمعه، أو مشاكل ( الإنسان ) من حوله .. فيتفتت مفهوم أداء الواجب الاجتماعي ليكون رهناً بسعادة الفرد فحسب، فلا توجد مشكلة إن خرجت فرقة تطوعية تهدف مثلا لتنظيف شاطئ أرامكو .. المهم أن يشبع الفرد حاجته!! طبعاً لا أنكر أنه من الرائع أن يجتمع الدافعان الداخلي والخارجي، إلا أنه من الصعب التكهن باستمرار ذلك من دون أن يطغى أحدهما على الآخر، وختاما .. ورغم أن خطاب ( الفردية ) قد ساهم إلى حد ما في إدخال فئات جديدة ومتنوعة إلى ساحة العمل التطوعي في مرحلته الحالية .. إلا أن سؤال التحدي هو : هل يمكن أن يصمد هذا الدافع لدى المتطوعين أمام جهود المؤسسة والتنظيم والاستدامة؟ أم أن الأمر سيكون أشبه بالبناء على صفحة جليدية وسط المحيط ؟!!