عباس الحايك

عباس الحايك

المجتمع الفني والثقافي في المملكة مثله مثل غيره في هذا العالم، تنشغل بعض شرائحه بمصالحها الشخصية، وبتصفية حسابات، وبالدسائس والنمائم، وهذا لا يعني أن هذه الأمراض الاجتماعية والأخلاقية متفشية بشكل طاغ لدرجة أن تكون السمة السائدة لهذا المجتمع، ولكن ما يدعو للقلق أن كل يوم تطفو على السطح قضايا بين مثقفين بعضهم ببعض أو فنانين، تنزل بمستوى هذه الشريحة إلى الحضيض بدل أن يكونوا نخبة المجتمع، لأنهم تركوا العمل والإنجاز واتجهوا نحو الانشغال بمجالس القيل والقال وكأن المنجز هو آخر الهم.قبل سنوات وحتى الآن، كانت المجالس والمقاهي هي ميدان (الحش) والنميمة، فهي أمكنة اللقيا وفضاءات الدسائس، خاصة بعد أن راجت فكرة المقاهي الجديدة علينا، وصار لكل شلة من شلل المثقفين مقهاهم الخاص، يحاولون الهروب منه إذا ما فاجأتهم شلة أخرى ترتاد ذات المقهى!، هكذا تنتقل الحكايا والقصص التي يبدعها هؤلاء عن أولئك، من مقهى إلى آخر، ومن مجلس إلى آخر. الآن وبعد أن أصبحت شبكة الانترنت فضاءً شاسعا دون حدود، وجد المثقفون في عوالمها حضنا لخلافاتهم، ومشكلاتهم المتجددة، واختلافاتهم، كونه مكانا مفتوحا لا حواجز فيه. فالأسماء المستعارة التي فتحت الباب أمامهم للكتابة دون وجل أو توجس من أحد، للتشهير والتنفيس عن مشكلاتهم الداخلية وعقدهم النفسية، فصاروا يكتبون المقالات، ويؤسسون لمواقع أو صفحات صفراء على موقع «فيس بوك»، كل هذا ليفضحوا بعضهم البعض ويسقطوا صورة المثقف الحقيقي ويشوهوها، وتسود صورة هجينة للمثقف الذي صار موضوعا للتندر وثغرة منفرجة للدخول إلى عوالم الثقافة وفضح عيوبها. تبدو أسهل الطرق للفضح وتصفية الحسابات هي شبكة الانترنت، وأسلم الوسائل ودون الدخول في مشاكل مباشرة مع أحد، فلا بأس من استغلال هذا المنبر المجاني لشن حروب فلا أحد يحاكم التجاوزات التي تروج من هذا العالم.ولكن عزاءنا في أولئك المثقفين الذين يأنفون من الدخول في هذا النوع من الترهات، ويعملون بصمت دون البحث عن الصيت المتحصل بالدجل والكذب!.Anoor73@hotmail.com